بَعضِ كَلامِهِ شيءٌ اعتَرَضَهُ الأَشعَثُ فيهِ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هذِهِ عَلَيكَ لا لَكَ. فَخَفَضَ عليهالسلام إلَيهِ بَصَرَهُ ثُمَّ قالَ : ما يُدرِيكَ ما عَلَيَّ مِمّا لي ، عَلَيكَ لَعنَةُ اللّه ولَعنَةُ اللاّعِنينَ ، حائِكٌ ابنُ حائِكٍ ، مُنافِقٌ ابنُ كافِرٍ ، وَاللّه لَقَد أسَرَكَ الكُفرُ مَرَّةً وَالإِسلامُ اُخرى ، فَما فَداكَ مِن واحِدَةٍ مِنهُما مالُكَ ولا حَسَبُكَ. وإنَّ امرَأً دَلَّ عَلى قَومِهِ السَّيفَ ، وساقَ إلَيهِمُ الحَتفَ ، لَحَرِيٌّ أن يَمقُتَهُ الأَقرَبُ ، ولا يَأمَنَهُ الأَبعَدُ ١ ٢.
٦ / ٢
جاسوس معاوية
١٤٦٩. الإرشاد عن جُميع بن عمير : اِتَّهَمَ عَلِيٌّ عليهالسلام رَجُلاً يُقالُ لَهُ العيزارُ بِرَفعِ أخبارِهِ إلى مُعاوِيَةَ ، فَأَنكَرَ ذلِكَ وجَحَدَهُ ، فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليهالسلام : أتَحلِفُ بِاللّه يا هذا إنَّكَ ما فَعَلتَ ذلِكَ؟ قالَ : نَعَم. وبَدَرَ فَحَلَفَ.
فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليهالسلام : إن كُنتَ كاذِبا فَأَعمَى اللّه بَصَرَكَ. فَما دارَتِ الجُمُعَةُ حَتّى اُخرِجَ أعمى يُقادُ قَد أذهَبَ اللّه بَصَرَهُ. ٣
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمامَ عليهالسلام مرّةً بالقتل. وسمّاه الإمام عليهالسلام منافقاً ، ولعنه.
وكان ابن ملجم يتردّد على داره ، وهو الَّذي أشار على المذكور بالإسراع يوم عزمه على قتل الإمام عليهالسلام. ونحن وإن لم نمتلك دليلاً تاريخيّا قطعيّا على صلته السرّيّة بمعاوية ، لكن لا بدّ من الالتفات إلى أنّ الأيادي الخفيّة تعمل بحذر تامّ وكتمان شديد ، ولذا لم تنكشف إلاّ نادرا. لكن ملفّ جنايات هذا البيت المشؤوم يمكن عدّه وثيقة معتبرة على علقته بل وعلقة اُسرته بأعداء أهل البيت ، وممّا يعزّز ذلك تعبير الإمام عنه بالمنافق.
١. قال السيّد الرضي قدسسره في ذيل الخطبة : يريد عليهالسلام أنّه اُسر في الكفر مرّةً وفي الإسلام مرّةً. وأمّا قوله : «دلّ على قومه السيف» فأراد به حديثا كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة ، غرّ فيه قومه ومكر بهم حتى أوقع بهم خالد ، وكان قومه بعد ذلك يسمّونه : «عُرفَ النّار» وهو اسم للغادر عندهم.
٢. نهج البلاغة : الخطبة ١٩ ، بحار الأنوار : ج ٣٣ ص ٤٣١ ح ٦٤٠.
٣. الإرشاد : ج ١ ص ٣٥٠ ، الخرائج والجرائح : ج ١ ص ٢٠٧ ح ٤٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٢ ص ٢٧٩ ، كشف الغمّة : ج ١ ص ٢٨٣ وفيه «الغيرار» بدل «العيزار» وراجع إرشاد القلوب : ص ٢٢٨.