إنَّ صاحِبَ النِّعمَةِ فِي الدُّنيا إذا سَأَلَ فَاُعطِيَ ، طَلَبَ غَيرَ الَّذي سَأَلَ ، وصَغُرَتِ النِّعمَةُ في عَينِهِ ، فَلا يَشبَعُ مِن شَيءٍ. وإذا كَثُرَتِ النِّعَمُ ، كانَ المُسلِمُ مِن ذلِكَ عَلى خَطَرٍ ؛ لِلحُقوقِ الَّتي تَجِبُ عَلَيهِ ، وما يُخافُ مِنَ الفِتنَةِ فيها ، أخبِرني عَنكَ ، لَو أنّي قُلتُ لَكَ قَولاً ، أكُنتَ تَثِقُ بِهِ مِنّي؟ فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ! إذا لَم أثِق بِقَولِكَ فَبِمَن أثِقُ ، وأنتَ حُجَّةُ اللّه عَلى خَلقِهِ؟
قالَ : فَكُن بِاللّه أوثَقَ ، فَإِنَّكَ عَلى مَوعِدٍ مِنَ اللّه ، ألَيسَ اللّه عز وجل يَقولُ : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) ١ وقالَ : (لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ) ٢ وقالَ : (وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً) ٣؟ فَكُن بِاللّه عز وجل أوثَقَ مِنكَ بِغَيرِهِ ، ولا تَجعَلوا في أنفُسِكُم إلاّ خَيرا ؛ فَإِنَّهُ مَغفورٌ لَكُم. ٤
١٠٤٣. الإمام عليّ عليهالسلام ـ فِي وَصِيَّتِهِ لاِبنِهِ الحَسَنِ عليهالسلام ـ : لا يُقَنِّطَنَّكَ إبطاءُ إجابَتِهِ ؛ فَإِنَّ العَطِيَّةَ عَلى قَدرِ النِّيَّةِ ، ورُبَّما اُخِّرَت عَنكَ الإِجابَةُ ، لِيَكونَ ذلِكَ أعظَمَ لِأَجرِ السّائِلِ ، وأجزَلَ لِعَطاءِ الآمِلِ. ٥
١٠٤٤. عنه عليهالسلام : كانَ جَبرَئيلُ يَنزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله في مَرَضِهِ الَّذي قُبِضَ فيهِ ... فَقالَ لَهُ جَبرَئيلُ عليهالسلام : اِعلَم ـ يا مُحَمَّدُ ـ أنَّ اللّه لَم يُشَدِّد عَلَيكَ ، وما مِن أحَدٍ مِن خَلقِهِ أكرَمُ عَلَيهِ مِنكَ ، ولكِنَّهُ أحَبَّ أن يَسمَعَ صَوتَكَ ودُعاءَكَ ، حَتّى تَلقاهُ مُستَوجِبا لِلدَّرَجَةِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. البقرة : ١٨٦.
٢. الزمر : ٥٣.
٣. البقرة : ٢٦٨.
٤. الكافي : ج ٢ ص ٤٨٨ ح ١ ، قرب الإسناد : ص ٣٨٥ ح ١٣٥٨ ، عدّة الداعي : ص ١٨٧ وفيه إلى «وأيّ شيء الدنيا» ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٦٧ ح ١.
٥. نهج البلاغة : الكتاب ٣١ ، مجمع البيان : ج ٢ ص ٥٠١ ، جامع الأخبار : ص ٣٦٩ ح ١٠٢١ ، الدعوات : ص ٤١ ح ١٠٢ وفي الثلاثة الأخيرة من «وربّما اُخّرت ...» ، غررالحكم : ح ١٠٣٥٦ وفيه «النائل» بدل «الآمل» ، بحار الأنوار : ج ٩٣ ص ٣٠١ ح ٣٨ وص ٣٧٢ ح ١٤.