روي الوزير السعيد الأربليّ في (كشف الغمة) عن كتاب (بشارة المصطفى) مرفوعاً إلى يزيد بن قَعنَب ، قال :
كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه وفريق من بني عبد العزّى ، بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين عليه السّلام ، وكانت حاملاً به لتسعة أشهر ، وقد أخذ ها الطلقُ فقالت :
يا ربّ ، إنّي مؤمنةٌ بك وبما جاء من عندك من رسلٍ وكتبٍ ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وأنّه بني البيت العتيق ، فبحقّ الذي بني هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني إلّا ما يسرّت عَلَيَّ ولادتي.
قال يزيد بن قَعْنَب : فرأيتُ البيت قد انشقّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ، وعادَ إلى حاله ، والتزقَ الحائط ، فرُمْنا أن ينفتح لنا قفلُ الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله عزّ وجل.
ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
ثمّ قالت :
إنّي فٌضّلتُ على من تقدّمني من النساء ، لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرّاً في موضع لا يُحبُّ الله أن يعبَد فيه إلّا اضطراراً.
وأنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رُطباً جنيّاً.
وإنّي دخلت بيت الله الحرام ، فأكلت من ثمار الجنّة وأرزقها ، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف وقال :
«يا فاطمة سميّة عليّاً فهو عليٌّ ، والله العليّ الأعلى يقول : شققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، وأوقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسّر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذّن فوق ظعهر بتي ، ويقدّسني ويمجّدني ، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه ، وويلٌ لمن أبغضه وعصاه».