ثمّ عاد إلى الحجر ، فرقد فيه ، فرأى في منامه كأنّه اُلبس إكليلاً من ياقوتٍ ، وسِربالاً من عبقر ، وكأنّ قائلاً يقول : يا أبا طالب ، قرّت عيناك ، وظفرت يداك ، وحسنت رؤياك ، فاُتي لك بالولد ، ومالك البلد ، وعظيم التلد ، على رغم الحسد.
فانتبه فرحاً ، فطاف حول الكعبة قائلاً :
أدعوك ربّ البيت والطوافِ |
|
والولد المحبُوّ بالعفافِ |
تعينني بالمنن اللطافِ |
|
دعاء عبدٍ بالذنوب وافِ |
وسيّد السادات والأشرافِ
ثمّ عاد إلى الحِجر ، فرأى في منامه عبد مناف يقول : ما يثنيك عن ابنة اسد ، في كلام له.
فلما انتبه تزوّج بها ، وطاف بالكعبة قائلاً :
قد صدقت رؤياك بالتعبيرِ |
|
ولست بالمرتاب في الاُمورِ |
أدعوك ربِّ البيت والنذورِ |
|
دعاء عبدٍ مخلصٍ فقيرِ |
فأعطني يا خالقي سروري |
|
بالولد الحلاحل المذكورِ |
يكون للمبعوثِ كالوزيرِ |
|
يا لهما يا لهما من نورِ |
قد طلعا من هاشم البدورِ |
|
في فلكٍ عالٍ على البحورِ |
فيطحن الأرض على الكرورِ |
|
طحن الرحى للحَبّ بالتدويرِ |
إنّ قريشاً بات بالتكبيرِ |
|
منهوكة بالغيّ والثبورِ |
ومالها من موئل مُجيرِ |
|
من سيفه المنتقم المُبيرِ |
وصفوة الناموس في السفيرِ |
|
حسامه الخاطف للكَفورِ (١) |
__________________
(١) المناقب (لابن شهر آشوب) ٢ : ٢٥٤ ، المطبعة العلمية ـ قم.