وعليه ، فلا دلالة في هذه الآية على تحقق النسيان من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).
استثنى بعض أصحابنا نوم النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وقالوا بإمكان النوم عليه عن الصلاة لمصلحة ما ، لأن النوم غير السهو ، وأمّا ما هي المصلحة فلا يعلمها إلَّا الله ، وأمّا نحن فقاصرون عن معرفة ذلك ، فيمكن أن تكون المصلحة هي أن يعلم الناس بحكم القضاء وأن يجوز الإتيان بالنافلة قبل الفريضة مع فوتهما كما في صحيحة زرارة (١).
ولكن هذا المعنى من النوم الذي احتملوه لا يجتمع مع ما في صحيحة عبد الله بن سنان ؛ لأن فيها كما رواه حتى العامة قول الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند ما طلعت
__________________
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوٰاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جٰاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مٰا لَكَ مِنَ اللّٰهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاٰ نَصِيرٍ) سورة البقرة : الآية ١٢٠ (وَلاٰ تَجْعَلْ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ فَتُلْقىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً). سورة الإسراء : الآية ٣٩. (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللّٰهَ وَلاٰ تُطِعِ الْكٰافِرِينَ وَالْمُنٰافِقِينَ). سورة الأحزاب : الآية ١ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ) سورة الزمر : الآية ٦٥.
١) وهي التي رواها في الوسائل : ج ٣ ، ص ٢٠٧ ، الباب ٦١ من أبواب المواقيت ، الحديث ٦ ، وهي : وروى الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : قال رسول اللّٰه (عليه السّلام) : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر (عليه السّلام) فحدثني أنّ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) عرس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا. فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال : يا بلال ، ما أرقدك؟ فقال : يا رسول اللّٰه ، أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم. فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) : قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة. وقال : يا بلال ، أذّن. فأذّن ، فصلّى رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر ، ثمّ قام فصلى بهم الصبح ، ثمّ قال : من نسي شيئاً من الصلاة فليصلّها إذا ذكرها فإن اللّٰه عز وجل يقول (وَأَقِمِ الصَّلاٰةَ لِذِكْرِي) قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقال : نقضت حديثك الأوّل. فقدمت على أبي جعفر (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم) فأخبرته بما قال القوم ، فقال : يا زرارة ، إلا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان جميعاً وأنّ ذلك كان قضاء من رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم.