فالذي نريد أن نقوله في هذا الوجه هو : أنّ آدم (عليه السّلام) لما هبط إلى الأرض كان معصوماً ولم تصدر منه مخالفة لله سبحانه وهو على ظهرها أبداً.
الوجه الثاني : إن النهي الموجه لآدم (عليه السّلام) في قوله تبارك وتعالى (ولا تَقْرَبا هذِه الشَّجَرَةَ) (١) نهي إرشادي (٢) لا تكليف فيه ، فلا يراد منه إلَّا أولوية اجتناب القرب من الشجرة ، ويترتّب على عدم الاجتناب الخروج من الجنّة ، وليس مفاد النهي على هذا التفسير الحرمة المولوية الشرعية المستلزمة للجزاء الأُخروي لكي يكون الإقدام على الفعل ذنباً يخلّ بالعصمة.
وأمّا التعبير ب (عصى) فالمراد من العصيان مخالفة الأمر المنطبق على الأمر الإرشادي ، ولهذا يقولون : أمرت فلاناً بكذا وكذا من الخير فعصى وخالف ، والحال أن الأمر دلالة على الخير وإرشاد إليه ، ولم يكن ما أمره به واجباً تكليفياً على المأمور بحيث يستحق العقوبة على تركه.
وردت عدة من الروايات دلت على وقوع النوم من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن صلاة الفجر في السفر وأنّه قضاها هو وأصحابه بعد ما طلعت عليهم الشمس وفاتهم وقت الأداء. كما أنّ هناك روايات أُخرى رويت من الطرفين الخاصة والعامة دلت على حصول السهو من النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وقد تمسك بها أبناء العامة لإثبات ذلك ، ما هو رأيكم الشريف في هذه المسألة؟
__________________
١) سورة البقرة ، الآية ٣٥.
٢) النهي في خطابات الشارع ربّما يكون نهياً مولوياً فيحمل حكماً بالحرمة أو بالكراهة ، ويعبّر عن الثاني بالنهي التنزيهي أيضاً ، وهذا النحو من النهي هو المقصود غالباً من النواهي الشرعية. وربّما يكون النهي إرشادياَ لا يحمل حكماً فيراد منه الارشاد إلى عدم وجود المصلحة في الفعل المنهي عنه ، وربّما يدرك العقل ذلك بدون وجود النهي ، فلهذا يقال عنه : إرشاد إلى حكم العقل.