أمّا الناحية الثانية فلا نطيل فيها الكلام ، واللازم حصوله منها في النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والإمام (عليه السّلام) هو ترك الاستمرار على المكروهات ولو كانت الاستدامة على مكروه واحد ، وذلك من أجل عدم وهنه في النفوس لكونه القدوة الحسنة في كل كمال والمثل الأعلى لكل جميل ، وأمّا الناحية الثالثة فسيأتي الكلام حولها مفصلًا فيما بعد ، وأمّا الناحية الأولى وكلامنا الآن حولها فهي ثابتة للأنبياء والأئمة (عليهم السّلام) باتفاق علماء الإمامية ، بل هي من ضروريات المذهب ، والكلام فيها من جهات :
إن معنى عصمتهم (عليهم السّلام) هو عدم صدور شيء من الحرام أو ترك الواجب منهم ، لعدم انقداح الميل والإرادة في أنفسهم الزكية إلى ذلك ، نظير ما يحصل لجلّ المؤمنين ، بل وغيرهم بالنسبة إلى بعض القبائح ككشف العورة أمام الملأ العام.
وثبوت العصمة لهم بهذا المعنى لا يستلزم سلب القدرة عنهم إزاء هذه الأُمور ، بمعنى عدم تمكَّنهم تكويناً من ارتكاب ذلك ، وإلَّا لما كانت عصمتهم فضيلة لهم تميّزهم عن سائر الناس.
ويشهد لذلك :
أوّلًا : إنّ عصمتهم بهذا المعنى ترفع التهمة عنهم وتقطع عذر من فرّ أو يريد الفرار عن طاعتهم.
ثانياً : الآيات المباركة كقوله تعالى (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١) وغيرها مما سيأتي.
__________________
١) سورة البقرة الآية ١٢٤.