فجوابه : إن المنصور العباسي أمره بذلك ، والمأمور معذور !
وكذلك حال أبي حنيفة ، فقد سئل : « من أفقه من رأيت ؟ قال : جعفر بن محمد ، لمَّا أقْدَمَهُ المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد ، فهئِّ له مسائلك الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر ، فسلمت عليه فأومأ إليَّ فجلست ، ثم التفت إليه فقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة . فقال : نعم أعرفه . ثم التفت إليَّ فقال : ألق على أبي عبد الله من مسائلك ، فجعلت ألقي عليه ويجيبني ، فيقول : أنتم تقولون وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا ، وربما تابعهم ، وربما خالفنا جميعاً ، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل منها بشئ ! ثم قال أبو حنيفة : أليس قد روينا : أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس » ! ( المناقب : ٣ / ٣٧٨ ، وتهذيب الكمال : ٥ / ٧٩ ، وسير الذهبي : ٦ / ٢٥٨ .. وغيره ) .
ولو سألت أبا حنيفة : ما دامت هذه عقيدتك في أستاذك ، فلماذا أسست مذهباً ضده ، وخالفت فقهه ؟ فجوابه : هكذا أمرني أبو جعفر المنصور ، والمأمور معذور !
وقال الذهبي في سيره : ٦ / ٢٥٧ : « عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين ! قد رأيته واقفاً عند الجمرة يقول : سلوني ، سلوني ! وعن صالح بن أبي الأسود : سمعت جعفر بن محمد يقول سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي » !
وقال ابن حجر في الصواعق /
٢٠١ : « ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت
به