جزء جزء (١) من ذلك المكان كله حتى يتشمم منه فى بقعة (٢) ضيقة (٣) صغيرة من تلك الأضعاف مثل تلك الرائحة. فإذا كان فى كل واحدة من تلك البقاع الصغيرة يتبخر منه شىء فيكون مجموع الأبخرة التي تتحلل منه فى جميع تلك البقاع التي تزيد على البقعة المذكورة أضعافا مضاعفة للبخار كله الذي يكون (٤) بالتبخير (٥) أو مناسها له. فيجب أن يكون النقصان الوارد عليه فى ذلك قريبا من ذلك أو مناسبا له ولا يكون. فبين أن هاهنا للاستحالة مدخلا. (٦)
وأما حديث التأدية (٧) المذكورة فأمر بعيد ، وذلك لأن التأدية لا تكون إلا بنسبة ما ونصبة (٨) للمؤدى عنه إلى المؤدى إليه. وأما الجسم ذو الرائحة فليس يحتاج إلى شىء من ذلك ، فإنك لو توهمت الكافور قد نقل إلى حيث لا تتأدى إليك رائحته ، بل قد (٩) عدم دفعة ، لم يمنع أن تكون رائحته بعده باقية فى الهواء ، فذلك لا محالة لاستحالة أو مخالطة.
وأما حديث الرخم فإنه قد يجوز أن تكون رياح قوية تنقل الروائح والأبخرة المتحللة عن الجيف إلى المسافة المذكورة فى أعلى الجو فيحس بها ما هو أقوى حسا من الناس وأعلى مكانا مثل الرخم وغيره. وأنت تعلم أن الروائح وإن كانت قد تصل إلى كثير من الحيوانات فوق ما تصل إلى الناس بكثير ، فقد تتأدى إليها المبصرات من مسافات بعيدة وهى تحلق فى الجو حتى يبلغ إبصارها فى البعد مبلغا بعيدا جدا ، وحتى يكون ارتفاعها أضعاف ارتفاع قلل الجبال الشاهقة. وقد (١٠) رأينا قلل جبال شاهقة جدا وقد جاوزنها النسور محلقة ، حتى يكاد أن يكون ارتفاعها ضعف ارتفاع تلك الجبال. وقلل تلك الجبال قد ترى من ست أو سبع (١١) مراحل ، وليس نسبة الارتفاع إلى الارتفاع كنسبة بعد المرئى إلى بعد المرئى ، (١٢) فإنك ستعلم فى الهندسة أن النسب فى الأبعاد
__________________
(١) جزء (الأولى والثانية) : جزءا د ، م
(٢) بقعة : + بقعة ف
(٣) ضيقة : ساقطة من م.
(٤) يكون (الأولى) : يكن ك
(٥) بالتبخير : بالتبخر د.
(٦) مدخلا : + ما ف.
(٧) التأدية (الأولى والثانية) : البادية م.
(٨) ونصبة : أو نصبة ك ؛ ويصبه م.
(٩) قد : ساقطة من م.
(١٠) وقد : فقد م.
(١١) أو سبع : سبع د ، ف ، م.
(١٢) المرئى (الثانية) : الرائى م ؛ المرائى م.