(٣) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ بسطها طولاً وعرضاً ليثبت فيه الأقدام ويتقلّب عليهَا الحيوان وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ جبالاً ثوابت (١) وَأَنْهاراً تتولد منها وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وجعل فيها من جميع أنواعها صنفين اثنين أسود وأبيض وحلواً وحامضاً رطباً ويابساً صغيراً وكبيراً وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يلبس ظلمة الليل ضياءَ النهار فيصير الهواء مظلماً بعد ما كان مضيئاً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢).
(٤) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ متلاصقة من طيبة وسبخة (٣) ورخوة وصلبة وصالحة للزرع دون الشجر وبالعكس وغير صالحة لشيءٍ منهما وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ فيها أنواع الأعناب والزرع والنخيل وقرئ وزرع ونخيل بالرفع وكذلك في معطوفهما صِنْوانٌ نخلات أصلها واحد وَغَيْرُ صِنْوانٍ متفرقات مختلفة الأصول أو أمثال وغير أمثال وفي الحديث النبوي : عمّ الرجل صنو أبيه يُسْقى وقرئ بالياءِ بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ وقرئ بالياءِ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ (٤) في الثمر شكلاً وقدراً ورائحةً وطعماً.
العيّاشيّ عنهم عليهم السلام : يعني هذه الأرض الطيبة مجاورة لهذه الأرض المالحة وليست منها كما يجاور القوم القوم وليسوا منهم.
وفي المجمع عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعليّ عليه السلام : الناس من شجر شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة ثمّ قرأ هذه الآية إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم بالتفكر فيهتدون إلى عظمة الصانع وعلمه وحكمته
__________________
(١) فيهما فانّ تكونّهما وتخصّصهما بوجه دون وجه دليل على وجود صانع حكيم دبّر أمرهما وهيّأ أسبابهما.
(٢) لتمسك الأرض ولو أراد أن يمسكها من غير جبال لفعل الّا انّه أمسكها بالرّواسي لأنّ ذلك اقرب الى افهام النّاس وادعى لهم الى الاستدلال والنّظر م ن.
(٣) السّبخة بالفتح واحدة السّباخ وهي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلّا بعض الأشجار يقال سبخت الأرض من باب تعب فهي سبخة بكسر الباء وإسكانها تخفيف ويجمع المكسور على سبخات مثل كلمة وكلمات والسّاكن على سباخ مثل كلبة وكلاب م.
(٤) وفي هذا أوضح دلالة على أنّ لهذه الأشياء صانعاً قادراً أحدثها وأبدعها ودبّرها على ما تقتضيه حكمته والأكل الثمر الذي يؤكل م ن.