البالغة وقدرته النافذة وتدبيره الكامل ولطفه الشامل وحسن تربيته وصنايعه شيئاً فشيئاً إلى بلوغها منتهى كمالاتها اللائقة بها.
(٥) وَإِنْ تَعْجَبْ يا محمّد من قولهم في إنكار البعث فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ فحقيق بأن يتعجب منه فان من قدر على إنشاء ما قصّ عليك كانت الإعادة أهون عليه أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (١) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ لانكارهم قدرته وتماديهم في الكفر (٢) وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم لإصرارهم أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ لا ينفكون عنها.
(٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ بالعقوبة قبل العافية وذلك أنهمْ استعجلوا بالعذاب استهزاءً وَقَدْ خَلَتْ مضت مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ عقوبات أمثالهم من المكذبين فما بالهم لم يعتبروا بها ، في نهج البلاغة : احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلاث بسوءِ الأفعال وذميم الأعمال فتذكرُوا في الخير والشر أحوالهم واحذروا أن تكونوا أمثالهم وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنُوب وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ.
في المجمع : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لو لا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولو لا وعيد الله وعقابه لاتّكل كل أحد.
وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام : حين تذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها أنّها لا تغفر قال أبو عبد الله عليه السلام قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة قال جلّ جلاله وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ.
(٧) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ لم يعتدوا بالآيات المنزلة عناداً واقترحُوا نحو ما أوتي موسى وعيسى إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مرسل للانذار كغيرك من الرُّسل وما عليك إلّا الإِتيان بما يصحّ به أنّك رسول مخوّف منذر والآيات كلها متساوية
__________________
(١) بدل من قولهم أو مفعول له والفاعل في إذا محذوف دلّ عليه لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
(٢) تمادى في الذّنوب لجّ وداوم وتوسّع فيها ومثله تمادى في الجهل وتمادى في غيّه م.