ليمتاروا لنا قمحاً فرجعوا إليّ وليس هو معهم وذكرُوا أنّه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق وقد حبسته عنّي وفجعتني به وقد اشتدّ لفراقه حزني حتّى تقوس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت عليّ فمن عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك وطيّب لنا القمح واسمح لنا في السعر وأوف لنا الكيل وعجل سراح (١) آل إبراهيم قال فمضوا بكتابه حتّى دخلوا على يوسف في دار الملك وقالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ إلى آخر الآية وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا بأخينا بنيامين وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في أمره يسألك تخلية سبيله فمنّ به علينا فأخذ يوسف كتاب يعقوب وقبّله ووضعه على عينيه وبكى وانتحبَ (٢) حتى بلّت دموعه القميص الذي عليه ثمّ أقبل عليهم وقالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ من قبل.
والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام في حديث له قال : واشتد حزن يعقوب حتّى تقوس (٣) ظهره وأدبرت الدنيا عليه وعن ولده حتّى احتاجُوا حاجةً شديدة وفنيت ميرتهم فعند ذلك قال يعقوب لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا الآية فخرج منهم نفر وبعث منهم ببضاعة يسيرة وكتب معهم كتاباً إلى عزيز مصر بتعطيفه على نفسه وولده وأوصى ولده أن يبدؤا بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب وذكر صفة الكتاب مثل ما ذكر في المجمع إلى قوله : وعجّل سراح آل إبراهيم وأورد آل يعقوب بدل آل إبراهيم ثمّ قال : فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له يا يعقوب ان ربّك يقول لك من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها الى عزيز مصر قال يعقوب أنت بلوتني بها عقوبة منك وادباً لي قال الله فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري قال يعقوب اللهمّ لا قال فما استحيت منّي حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو ما بك إليّ فقال يعقوب استغفِرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثّى وحزني
__________________
(١) سرّحت فلاناً الى موضع كذا إذا أرسلته وتسريح المرأة تطليقها والاسم السّراح مثل التّبليغ والبلاغ وتسريح الشعر إرساله وحلّه قبل المشق.
(٢) النّحب أشدّ البكاء كالنّحيب وقد نحب كمنع وانتحب.
(٣) قوس تقويساً انحنى كتقوّس.