عبيده فانّ الله له التدبير والحكم لا يفعل على ظنّك ولا حسبانك ولا باقتراحك بل يَفْعَلُ ما يَشاءُ* ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ وهو محمود يا عبد الله إنّما بعث الله نبيّه ليعلّم الناس دينهم ويدعوهم إلى ربّهم ويكد نفسه في ذلك آناء الليل ونهاره فلو كان صاحب قصور يحتجب فيها وعبيد وخدم يسترونه على النّاس أليس كانت الرسالة تضيع والأمور تتباطأ أوما ترى الملوك إذا احتجبُوا كيف يجري القبائح والفساد من حيث لا يعلمون به ولا يشعرون يا عبد الله إنّما بعثني الله ولا مال لي ليعرّفكم قدرته وقوّته وأنّه هو النّاصر لرسوله لا تقدرون على قتله ولا منعه من رسالته وهذا أبين في قدرته وفي عجزكم وسوف يظفرني الله بكم فأوسعكم قتلاً وأسراً ثمّ يظفرني الله ببلادكم ويستولي عليها المؤمنون من دونكم ودون من يوافقكم على دينكم ثمّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وأمّا قولك لي ولو كنت نبيّاً لكان معك مَلَك يصدقك ونشاهده وساق الحديث كما مضى في سورة الأنعام ثمّ ساق الحديث بما يأتي في سورة الفرقان والزّخرف : ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وأمّا قولك لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى آخر ما قلته فانّك اقترحت على محمّد رسول الله ربّ العالمين أشياءً منها لو جاءك به لم يكن برهاناً لنبوّته ورسول الله يرتفع من أن يغتنم جَهْل الجاهلين ويحتج عليهم بما لا حجّة فيه ومنها لو جاءك به لكان معه هلاكك وإنّما يؤتي بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان بما لا يهلكون بها وإنّما اقترحت هلاكك وربّ العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم بما يقترحون ومنها المحال الذي لا يصحّ ولا يجوز كونه ورسول ربّ العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ويضيق عليك سَبيل مخالفته ويلجئك بحُجج الله إلى تصديقهِ حتّى لا يكونَ لكَ عنه محيد ولا محيص ومنها ما قد اعترفت على نفسِك أنّك فيه معاند متمرّد لا تقبل حجة ولا تصغي إلى برهان ومن كان كذلك فدواؤه عذاب النّار النازل من سمائه أو في جحيمه أو بسيوف أوليائه.
وأمّا قولك يا عبد الله لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً بمكّة هذه فانّها ذات أحجار وصخور وجبال تكشح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فانّنا إِلى ذلك محتاجون فانّك سألت هذا وأنت