جاهل بدلايل الله يا عبد الله أرأيت لو فعلْتَ هذا كُنْتَ من أجل هذا نبيّاً أرأيتَ الطائف التي لك فيها بساتين أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتَها وذلّلتَها وكشحتَها فأجريتَ فيها عيوناً استنبطتها قال بلى قال وهل لك فيها نظراء قال بلى قال أفصرت بذلك أنت وهم أنبياء قال لا قال فكذلك لا يصير هذا حجّة لمحمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم لو فعله على نبوّته فما هو إلّا كقولك لن نؤمن لك حتّى تقوم وتمشي على الأرض أو حتّى تأكل الطعام كما يأكل الناس وأمّا قولك يا عبد اللهِ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فتأكل منها وتطعمنا فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أو ليس لك ولأصحابكَ جنان من نخيل وعنب بالطائف تأكلون وتطعمون منها وتفجرون الأنّهار خلالها تفجيراً أفصرتم أنبياء بهذا قال لا قال فما بال اقتراحكم على رسول الله أشياء لو كانت كما تقترحون لما دلّت على صدقه بل لو تعاطاها لدلّ تعاطيه إيّاها على كذبه لأنّه حينئذ يحتجّ بما لا حجّة فيه ويختدع الضّعَفاءَ عن عقولهم وأديانهم ورسول ربّ العالمين يجلّ ويرتفع عن هذا.
ثمّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يا عبد الله وأمّا قولك أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً فانّك قلت وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فانّ في سقوط السماءِ عليكم هلاككم وموتكم وإنّما تريد بهذا من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أن يهلكك ورسول ربّ العالمينَ أرحم بك من ذلك ولا يهلكك ولكنّه يقيم عليك حجج الله وليس حجج الله لنبيّه وحده على حسب اقتراح عباده لأنّ العباد جهّال بما يجوز من الصلاح وبما لا يجوز منه وبالفساد وقد يختلف اقتراحهم ويتضادّ حتّى يستحيل وقوعها لو كان إلى اقتراحاتهم لجاز أن تقترح أنت أن تسقط السماء عليكم ويقترح غيرك أن لا يسقط عليكم السماء بل أن يرفع الأرض إلى السماء ويقع عليها وكان ذلك يتضاد ويتنافى ويستحيل وقوعه والله لا يجري تدبيره على ما يلزمه المحال ثمّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وهل رأيت يا عبد الله طبيباً كان دواؤه على حسب اقتراحاتهم وإنّما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه أحبّه العليل أو كرهه فأنتم المرضى والله طبيبكم فان أنفذتم لدوائه شفاكم وان تمردتم عليه أسقمكم وبعد