السيئة الكبيرة لمكان المكافئة ، وإنما تذهب الصغيرة لمكان الكفاح القوة.
ثم وكل حسنة تذهب سيئة تناسبها بالمواجهة ، دون أن تذهب حسنة واحدة كل السيئات (١) أم سيئة لا تناسبها في مواجهتها ، فحسنة الإنفاق تذهب سيئة تركه وحسنة النكاح المفروض تذهب سيئة النظر عن شهوة وهكذا.
نعم بعض الحسنات يذهبن جلّ السيئات أو كلها لقوتها وشمولها ، كحسنة التوحيد حيث تذهب كافة السيئات حالة الإشراك وهكذا.
ذلك ، و «ذلك» الذي نبّه عليه من واجب الاستقامة ، ومحرم الركون إلى الظالمين ، وإقام الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ، وإن الحسنات يذهبن السيئات ، كل (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) الله كما (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٢٠ : ١٤) فليأتمروا بأمره ولينتهوا عن نهيه ، وإذا سقطت من أيديهم تخلّفة عن شرعة الله فالذاكرون الله بعدها بندم فتوبة وأوبة إلى الله ، تذهب سيئاتهم هذه الحسنات.
ذلك ، ومن (ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) أن يتذاكروا ذلك السماح الرباني فيما بينهم ، إغماضا عن السيئات أمام الحسنات ، تأدبا بأدب الله.
فحين ترى مؤمنا تترجح حسناته على سيئاته ، ليس لك أن تحاسبه
__________________
ـ يغرك الناس من نفسك فإن الأمر يصل إليك دونهم ولا تقطع النهار بكذا أو كذا فإن معك من يحفظ عليك ولم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة المحدثة للذنب القديم ولا تصغر شيئا من الخبر فإنك تراه غدا حيث يسرك ولا تصغر شيئا من الشر فإنك تراه غدا حيث يسوءك إن الله عزّ وجلّ يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ).
(١) نور الثقلين ٢ : ٤٠٢ في أمالي الشيخ الطوسي بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : وأن الله تعالى بكفر بكل حسنة سيئة قال الله عزّ وجلّ : إن الحسنات يذهبن السيئات.