والأقرب من هو بعيد في واحدة وبينهما متوسطات.
ولأن القربى درجات ، قربى العقيدة والنسب والسبب والمكان ، فكل سابقة هي أقرب من لاحقة ، وبصورة عامة الأقرب يمنع الأبعد على درجاتهما.
إذا فالجيران ـ وعلى حد المروي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ «ثلاثة فجار له ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام ، وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام ، وجار له حق واحد حق الجوار» (١)
فمن جمع القربى في مثلثها فله كامل الحق وشامله في حقل الجوار ، ومن تغرب عن القربى في هذه الثلاث فهو الجار الجنب ، ثم بينهما متوسطون الصادق عليهم كلا الجنب وو ذي القربى ، إذا فالجيران درجات حسب الدرجات.
ثم ولا يعني الإحسان الى هؤلاء ـ فقط ـ إحسان المال ، بل ويتقدم عليه إحسان الحال ، وقد يكون إحسان المال ـ فقط ـ إساءة كما في الإحسان الى المسكين المقصر في مسكنته ، المتبتل العاطل في حياته ، فإنفاق المال إليه تثبيت لبطالته ، وتشجيع له على عطالته ، فإنما الإحسان إليه بالفعل هو إرشاده الى عمل يسد به فراغه عن مسكنته.
وكما الإحسان الهام الى اليتامى هو تدبير أمورهم وإيصالهم الى رشدهم ، فمن اليتامى من هو غني المال ولكنه فقير البال والحال حيث يحتاج الى إصلاح في حاله وماله لصالح حاله ومآله.
__________________
ـ زعمت انك تريد الكوفة؟ قال له بلى ، فقال له الذمي فقد تركت الطريق؟ فقال له : قد علمت قال فلم عدلت معي وقد علمت ذلك فقال امير المؤمنين (عليه السّلام) هذا من تمام الصحبة أن يشيع الرجل هنيئة إذا فارقه وكذلك أمرنا تبينا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال له الذمي هكذا قال : نعم ، قال الذمي : لا جرم انما تبعه من تبعه لا فعاله الكريمة فانا أشهد إني على دينك ورجع الذمي مع امير المؤمنين (عليه السّلام) فلما عرفه أسلّم.