وحنقا لها قبل أن تتنفس ، ومحقا لجذورها ببذورها قبل أن تتنفّش.
ولقد عنى كف الأيدي حينذاك سلبا وإيجابا يتبنّيان كلمة التوحيد ، سلبا لاستلابهم بأسرهم وهم في بادئ أمرهم ، وإيجابا لما هم عليه من صامد الإيمان وتداومه ، وليعبّدوا طريقا سالكة الى تأسيس دولة الإسلام بعد الهجرة الهاجرة. (١) (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ٧٨ ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) ٧٩.
(يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٣ : ١٤٩).
إنه لا يقدر الإنسان ـ أيا كان ـ أن يفر من الموت كأصل ، أما الأجل المحتوم فلا فرار عنه إطلاقا ، وأما الأجل المعلق على المعلوم أو المحتمل فعليه أن يفر منه حفاظا على أصل الأجل ، وأما المعلق على أمر الله تكوينا أو تشريعا أن شرع القتال وعلق الأجل عليها ، فكيف الفرار؟ (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥١٩ في تفسير العياشي عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في تفسير هذه الآية (أَلَمْ تَرَ ... لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) الى خروج القائم (عليه السّلام) فإن معه النصر والظفر قال الله (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى).
(٢) وقد يوجه ذهاب الإمام علي (عليه السّلام) الى المسجد يوم قتل على علمه بقتله أنه كان يعلم موته في نفس الوقت بمحتوم الأجل أو معلقه فكيف يفر عن الموت المحتوم ، فقد كان أحرى به ألا يترك جماعة الصلاة حتى تأتيه فيها الأجل المعلوم لديه.