التأديب لكان الله هو الأولى بأمره وهو ناه ، وقضية العلو العال والكبر العادل أن يكتفى من تأديبهن ـ وهن ريحانه ولسن بقهرمانة ـ يكتفى بطاعتهن إياكم في المعروف.
صحيح أنه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) ولكن الله هو الذي حكّم الحكمين بشأن الزوجين المشاقين والله من وراءهم رقيب ، وحكّم الحكام الشرعيين في حقن الدماء ، وصلاح ذات بين المسلمين ـ إذا ـ أحكم من حكم الحكمين ، إذا مضوا على حق العدل وعدل الحق(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٥٧ ـ أخرج الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت لعلي (عليه السّلام) يا أمير المؤمنين ابرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من الحلل فقالوا مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة؟ قال : تعيبون عليّ؟ لقد رأيت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أحسن الحلل ونزل (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) قالوا : فما جاء بك؟ قلت : اخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وختنه وأول من آمن به واصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) معه؟ قالوا : ننقم عليه ثلاثا ، قلت : ما هن ، قالوا : أولهن انه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله : ان الحكم إلا لله ، قلت : وماذا؟ قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماءهم ، قلت : وماذا؟ قالوا : محا اسمه من امير المؤمنين فإن لم يكن امير المؤمنين فهو امير الكافرين ، قلت : أرأيتم ان قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما لا تشكون أترجعون؟ قالوا : نعم قلت : اما قولكم انه حكم الرجال فإن الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ـ إلى قوله ـ (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) وقال في مرأة وزوجها (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب فيها ربع درهم؟ قالوا : اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه؟ قالوا : اللهم نعم ، وأما قولكم انه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها فقد كفرتم وإن زعمتم أنها ليست ـ