«يريدا» ـ إضافة الى الزوجين ـ الحكمين (١) فليس التوفيق بين الزوجين المشاقين إلّا على ضوء الإرادتين (٢).
فحين يريد الزوجان الإصلاح ولا يريده الحكمان ، أو يريده الحكمان ولا يريده الزوجان فكيف (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما)؟ فإنما يوفق الله بينهما بتحضير أسبابه من الزوجين والحكمين حتى يزول الشقاق من البين (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بالمصالح «خبيرا» بالصوالح ، لا يوفق بين المتخالفين إلا بتقديم أسباب الوفاق في هذا البين و (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
و «الحكمان يشترطان إن شاءا فرقا وإن شاءا جمعا فإن فرقا فجائز وإن جمعا فجائز» (٣) وقضية هذه المشيئة للحكمين أن يكونا مرضيين ، وموكلين من قبل الزوجين في إبقاء أو فراق ، إذ لا يملك الطلاق إلّا من أخذ بالساق.
وهنا في تذييل الآية ب (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) تهديد الأزواج وتضبيطهم عن التطاول بعد الطاعة ، أن بغي سبيل عليهن بغي عليهن والعلي الكبير فوقكم ناقم إن ضعفن عن الانتقام ، فإن كان قضية العلو والكبر مواصلة
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٥٧ عن علي (عليه السّلام) قال : الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق ، وفيه عن ابن عباس (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) قال : هما الحكمان ، وفيه عن مجاهد (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً) قال : اما إنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان يوفق الله بينهما ، قال : بين الحكمين ، وفيه مثله عن الضحاك.
(٢) في ضميري التثنية في «يريدا وبينهما» وجوه اربعة ١ ان يعنيا الحكمين ٢ أن يعنيا الزوجين ٣ أن يعني الاول الحكمين والثاني الزوجين ٤ أن يعني الاول الزوجين والثاني الحكمين ولكن التوفيق الصالح بينهما هو ان أراد الحكمان والزوجان إصلاحا فالله يوفق بين الحكمين والزوجين.
(٣) في الكافي باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في قوله (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) قال : الحكمان ... أقول : ومضى مثله في الدر المنثور عن الامام علي (عليه السّلام).