ولأن (شِقاقَ بَيْنِهِما) يفشو خبره بطبيعة الحال الى حكام الشرع ، فهم ـ بالأخير ـ هم الخائفون (شِقاقَ بَيْنِهِما).
وهكذا لا يدعو المنهج الإسلامي السامي حياة المشاقة الى الاستسلام لبوادر النشوز ، ولا المسارعة الى تحطيم مؤسسة الأسرة ما دام الى علاج سبيل ، فإن هذه المؤسسة التي هي الأساس لكل المؤسسات ، إنها عزيزة على الإسلام ، فكما أنها لا بد وأن تؤسس على الحائطة والمراقبة والحزم والعزم ، كذلك استمراريتها اللهم إلّا ألا يوجد سبيل إليها إلّا فصلهما.
ولان الحكم هنا ـ كما الحاكم في كافة المحاكمات الشرعية ـ مفروض عليه أن ينظر الى الطرفين على سواء ، والى مشاكلهما كما هي الواقعة حتى يستطيع الإصلاح إن أراداه ، فعلى الحكمين ـ إذا ـ أن يجتمعا في هدوء ، بعيدين عن كافة الانفعالات النفسية والرواسب الشعورية والملابسات المعيشية التي كدّرت صفو العلاقات بين الزوجين.
وأن يكونا حريصين على سمعة الأسرتين الأصيلتين ، إشفاقا على الناشئة الصغار ، حافظين على أسرار من الزوجين لا يزيد إبداءها إلا شقاقا فوق شقاق.
فهنا (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) وقد تعني ضمير التثنية في
__________________
ـ إلى علي (عليه السّلام) ومع كل واحد منهما فآم من الناس فأمرهم علي (عليه السّلام) فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين : تدريان ما عليكما ، عليكما ان رأيتما أن تجمعا أن تجمعا وان رأيتما أن تفرقا أن تفرقا قالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي وقال الرجل : اما الفرقة فلا فقال علي (عليه السّلام): «كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرب به» وفيه ١٥٧ ـ أخرج البيهقي عن علي (عليه السّلام) قال : «إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء حتى يجتمعا» وفيه عنه (عليه السّلام) قال : الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق.