ولا فقط اتقياءهم غير العلماء إذ قد يضلّلهم العلماء السوء فيضلون عن جهالة ، ولو كان القصد هنا الأتقياء لكانت الصيغة السائغة نفس «الأتقياء».
بل هم الجامعون بين الرسوخين في علم الإيمان عن علم ، فهم النافذون في المعرفة الكتابية والحالة الإيمانية بما عرفوه من كتاب الله.
ذلك ف «المؤمنون» هم سائر المؤمنين الكتابيين الماشين في ظلال الراسخين في العلم منهم ، فهم المقلدون صالحي علماءهم (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) قرآنا وسنة (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) وهو كل كتابات الوحي قبل القرآن.
هذا هو الطرف الأصيل عقيديا لإيمانهم ، جامعا لمجامع الإيمان أصليا وفرعيا ، ومن ثم تفصيل تقديما لأصيل أعمال الإيمان على أصيل الإيمان.
ولماذا «المقيمين» نصبا وبعدها مرفوعان اثنان؟ قد يعني نصبها رفعها بين سائر مظاهر الإيمان بمعنى : أخص بالذكر بين المؤمنين ككل (الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ).
فلا يعني اختصاص إقام الصلاة بين سائر بنود الإيمان ، بل هو اختصاص بين أعمال الإيمان.
ثم (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فإنهم في الأكثرية الطليقة من ذكرهم يردفون بالمقيمين الصلاة.
ومن ثم تفصيل لأصل الإيمان ككل (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وعدم الإختصاص هنا بعد الإختصاص في (الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) لأن عادم الإيمان بالله واليوم الآخر عادم لأصل الإيمان فلا مورد إذا لاختصاصهم بين «المؤمنون».
فما أرتبه ترتيبا رتيبا رطيبا أن يقدم (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) ثم التابعون لهم : «المؤمنون» وفي حقل الإيمان يتقدم عمل الإيمان في أفضل