مظاهره : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) ثم الزكاة التالية لها (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ثم يفسر عقيدة الإيمان بعد ما فسر عمله كأفضله : (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) والنتيجة ككل «أولئك» الأكارم في شطري الإيمان بشرطيه عقيديا وعمليا (سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً).
أجل ، فالعلم الراسخ في القلب هو قلب العلم ولزامه راسخ الإيمان ، وهو العلم المستقر الذي لا يشوبه جهل أو جهالة في مواد الإيمان عقيديا وعمليا.
واما العلم والمعرفة غير الراسخة في القلب فقد تتأرجف وتنقلب كفرا وجحودا أعاذنا الله منه ، اللهم إلّا المعرفة السالكة سبيل الكمال تأييدا من ذي الجلال (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
ولكي يعلم أن الوحي سلسلة موصولة واحدة من إله واحد مهما اختلفت فيه بعض المظاهر ينبهنا ربنا :
(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (١٦٣).
فالوحي الرسالي في أصله واحد مهما تكثر في فصله ونسله قضية مختلف الحاجات والظروف ، وهنا (النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) يعم إلى سائر اولي العزم وهم إبراهيم وموسى وعيسى ، من دونهم من أصحاب السمو الرسالي كإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وأيوب ويونس وهارون وسليمان وداود ، فهؤلاء التسعة هم في الدرجة الثانية من الوحي ، ومن ثم من (لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) ومن ثانية الدرجة الثانية اثني عشر نبيا ذكروا في سائر القرآن ، ويعرف محتد كلّ في رسالته ونبوته من الآيات التي تحمل ذكراهم بهداهم.