فإن الله هو الذي يسب السلطان الجائر ويلعنه فكيف ينهى عن سبه ، وما هو إلا فرية وقحة على الله ، ويكأن الله له ظل الظلم خلافا لشرعته!.
وأما «السلطان ظل الله في الأرض» ففيه تلحيقة «يأوي إليه كل مظلوم» فالسلطان العادل الحاكم بحكم الله هو ظل الله حيث يأوي إليه كل مظلوم ، دون سائر السلاطين الآوي إليهم كل ظالم.
فهذه هي الآية الرئيسية في فرض الطاعة الحقة بأبعادها ومن ثم التنديد بالمتحاكمين إلى الطاغوت وهو بقرينة المقابلة لمثلث الطاعة المفترضة عبارة عن كل طاعة متخلفة عنها :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) ٦٠.
هنا إرادة التحاكم الى الطاغوت محكومة بأنها خلاف الإيمان بهذه الرسالة فضلا عن واقع التحاكم فأضل سبيلا وأنكى وبيلا.
والطاغوت هو المبالغ في الطغيان وهي دركات كما الطاعة المثلثة درجات ، ذلك!فهل المتحكمون على المؤمنين بالسيف والنار وبالزور والغرور هم أولاء من أولي الأمر الذين افترض الله علينا طاعتهم؟ وإرادة التحاكم إليهم ضلال بعيد؟!.
وأوضح مصاديق المريدين للتحاكم الى الطاغوت هم المنافقون ثم ضعفاء الإيمان ، وقد تحاكموا الى الطاغوت بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تطبيقا لهذه الملحمة القرآنية الناظرة الى المستقبل مع الحال (١) ، اختلاقا لخلافة
__________________
ـ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : لا تسبوا ..
(١)نور الثقلين ١ : ٤٢٢ في تفسير علي بن إبراهيم في الآية نزلت في الزبير بن العوام فإنه نازع رجلا ـ