وأما (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في آيات دون فصل بتكرار الأمر ، فقد يجبر وصلها فصل الرسول عن استقلاله بجنبه تعالى أنه «رسوله» ليس يقول أو يفعل إلا رسالة لا أصالة.
فلا مرجع أصيلا في الأمور المختلف فيها والمتنازع عليها إلا الله تعالى شأنه : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (٤٢ : ١٠) ثم الى الرسول المحدّث عن الله : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) حيث السنة الرسولية هي مبينة للقرآن وشارحة له غير شارعة ، وليس يزيل الخلاف والتنازع إلا الحامل لحق الواقع وواقع الحق ، فلو أن أولي الأمر يشمل غير المعصومين لما أنتج الرجوع إليهم زوال الخلاف لأنهم هم أنفسهم في خلافات قاصرة أم مقصرة ، وذلك يؤكد تأكيد القرآن والسنة للرجوع الى المعصومين بعد الله ورسوله.
ولا ينافي ذلك الإختصاص ضرورة الرجوع الى العلماء الربانيين زمن غياب المعصومين وحين لا تتيسر الطاعة المعصومة كما في زمن الغيبة فليكن أمر المؤمنين شورى بينهم فتتبع الشورى من الرعيل الأعلى من ربانيي الأمة الإسلامية ، وهذه قيادة ووحدوية مهما حملها جماعة من أهلها ، فالاتّباع للأكثر من رأى الشورى إتّباع لأحسن القول كما فصلناه على ضوء آية الزمر.
و «ذلك» العظيم العظيم من الرد الى الله والرسول «خير» لكم يقابل شرا يحمله عدم الرد الى الله والرسول (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) مأخذا هو خالص الوحي ومالا هو صالح الحياة الإيمانية في النشآت الثلاث.
ذلك ، فما قد يختلق على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن «لا تسبوا السلطان فإنهم فيء الله في أرضه» (١) علينا أن نسب مختلقه على الرسول ،
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٧٨ ـ أخرج البيهقي في الشعب عن أبي عبيدة الجراح قال : سمعت رسول الله ـ