العلم ، أم لا يعلمه إلّا الله حيث يختص علمه بالله.
١٠ وأما الراسخون في العلم وموقفهم من علم التأويل ايجابيا وسلبيا ، فلأن الرسوخ في شيء هو التمكن فيه بلا تزعزع وتزلزل تشبيها برسوخ الشيء الثقيل في الأرض الخوّانة ، فالراسخون في العلم ـ إذا ـ هم المتمكنون فيه الذين لا يختلفون في علمهم ولا يتخلفون.
والعلم يعم علم المعرفة وعلم العقيدة وعلم الايمان والأخير أثبت مهما كان الأولان من أثافيّه وأسه وأساسه ، فقد يثبت الراسخ في علم المعرفة والعقيدة ولا ثبوت له في علم الايمان والثابت في علم الايمان ثابت ـ لا محالة ـ في علم المعرفة العقيدة على أية حال.
ومن الأولين ـ وهم الأدنون في صنفي الراسخين ـ علماء اهل الكتاب دون المعصومين : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) (٤ : ١٦١) فإنهم من الذين هادوا ، هودا ورجوعا إلى الايمان بالله علما وعملا صالحا بعد سؤال الرؤية جهلا وعملا طالحا ، وساحة العصمة القدسية براء من الجهل والجهالة على أية حال ، فهم من دون المعصومين (عليهم السلام).
والراسخون في العلم في آية التقسيم قد يشمل الأولين على هامش الآخرين ، فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته المعصومون (عليهم السلام) هم أفضل الآخرين ، كما ان الأولياء دون المعصومين هم أفضل الأولين ، فليس (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) هنا ليختص بالآخرين فضلا عن أفضلهم (١).
__________________
(١) الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أنس وأبي أمامة ووائلة بن الأسقع وأبي الدرداء أن رسول الله (ص) سئل عن الراسخين في العلم فقال : «من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه ومن عف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم».