(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٩٢).
«لن» تحيل نيل البر أيا كان (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وأما غير المحبوب مبغوضا كان او عوانا بينهما فلا ينيل إنفاقه خيرا ، وعلّ العوان ـ ايضا ـ داخل في نطاق «ما تحبون» مهما كان أدناه فان قضية الملك حبه مهما لم يكن مرغوبا والإنفاق هنا هو في سبيل الله إذ لا خير في غير سبيله تعالى.
و «ما تحبون» يعم النفس والنفيس من النواميس الخمس : نفسا وعقلا ودينا ومالا وعرضا أن ينفق كلّ في سبيل الله ، إما عن بكرته كالتضحية بالنفس والمال ، ام مع الحفاظ على أصله كالقوات النفسية والفوائد المالية التي تنفق في سبيل الله ، وكذلك الإرشادات العقلية والعلمية ، وتعريض العرض ـ فيما يجوز ـ للحفاظ على عرض أعرض كعرض الدين والديّنين ، وكل ذلك تشمله (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
ذلك وكما «مما تحبون» الشرعة التي تعود تموها ان تنفقوها في سبيل الله ومرضاته وتبدلوها بشرعة محكّمة بعدها.
ولأن للمحبوب درجات كذلك لنيل الخير في إنفاق الدرجات درجات ، كما والإنفاق في كمه وكيفه ومورده درجات.
ولقد أشار الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي ينفق مما يحب ان يجعله في قرابته الفقراء ، فإنه أحب من غيرهم (١) وهذا «مما تحبون» موردا.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥٠ أخرج جماعة عن أنس قال كان أبو طلحة أكثر أنصاريّ بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان النبي (ص) يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت (لَنْ تَنالُوا ..) قال أبو طلحة يا رسول الله (ص) إن الله يقول : لن تنالوا البر ـ