ويجازي عليها ، وقد كان قبل يعلم مصادرها ومسايرها ومصائرها ، والى ما ترجح أوائلها وأواخرها ، فقد رجعت الآن إلى ما كان يعلم الله فاتقوه ان توافوه بمعاصيكم ومآسيكم.
كما وان ناسا في هذه الأدنى ربما يخيل إليهم زورا وغرورا أنهم يملكون لأنفسهم أم ولسواهم نفعا أو ضرا دون تخويل من الله أو تمويل ، إضافة للمخصوص بالله إلى أنفسهم ، خلعا لبعض صفاته عنه الى خلقه ، فإذا انحسر قناع الشك ، وانكشف غطاء الرأس ، واضطر الناس الى معارف وانقطع التكليف وتقوضت الدنيا بحذافيرها ، علم الجميع ألّا مؤثر في الكون إلا الله (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) على أية حال في الأولى والأخرى مهما اختلفتا تخييرا وتسييرا.
فهنا الرجوع ليس إلّا بالنسبة لمعرفة الغافلين ، وليس حقيقة الرجوع لأنها كائنة على أية حال.
ذلك! وأصل الرجوع هو الانعطاف والانقلاب بشيء ، لا أنه كان عندك ففارقك تماما او بعضا ، وإنما الانعطاف بعد الانحراف ، والانقلاب بعد الانغلاب ، فالسابقون هم راجعون بأمورهم إلى الله إذ ما يشاءون إلا أن يشاء الله وكما يروى عن علي (عليه السلام): لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (١١٠).
أترى من هم المعنيون هنا ب «كنتم»؟ أهم أمة الإسلام كلهم ومنهم ـ وهم أكثرهم ـ فسقة يدعون إلى الخير ويؤمرون وينهون وقد لا يأتمرون او ينتهون! ثم ولا تختص الفريضتان بهذه الأمة ، بل تحلقان على كل الأمم الرسالية حفاظا عليها : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ام هم