(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ٢٦.
آية منقطعة النظير في مسرح الملك والعزة والذلة سلبا وإيجابا ننفد فيها من مفرداتها الى جملها فجملتها ، لكي نحصل على مغزاها الصالحة ، ذبا عما يخيل إلى الذين في قلوبهم زيغ من طالحة بشأنها والله من وراء القصد.
«قل» أنت يا رسول الهدى كحامل الوحي الأخير ، و «قل» ايها التالي للذكر الحكيم مع الرسول ، قولا باللسان والأفعال والجنان ، قولا لازما ودعائيا في مختلف الجموع ومحتشد المكلفين الى يوم الدين.
(قُلِ اللهُمَّ) أمرا من الله ان نخاطب الله في كل الحقول والمسارح ، بكل المصارح.
(مالِكَ الْمُلْكِ) : «مالك» ملكا حقيقيا لا حول عنه ، دون المالكين سواه ، فإنهم بملكهم مستودعون فيما يملّكون ومستخلفون فيما يملكون.
«والملك» يعم الملك ككل ، زمنيا وروحيا ، تكوينيا وتشريعيا ، ام هو مثلث ملك المال دولة (١) وملك المنال دولة في حقلي القيادة : الروحية
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٤ ـ أخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء عن معاذ بن جبل قال : شكوت إلى النبي (ص) دينا كان علي فقال يا معاذ أتحب أن يقضى دينك؟ قلت : نعم قال قل اللهم مالك الملك.
وفيه أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل أن رسول الله (ص) افتقده يوم الجمعة فما صلى رسول الله (ص) أتى معاذا فقال يا معاذ ما لي لم أرك؟ فقال : ليهودي علي وقية من بر فخرجت إليك فحبسني عنك فقال : ألّا أعلمك دعاء تدعو به فلو كان عليك من الدين مثل صبير أداه الله عنك فادع الله يا معاذ قل اللهم .. ـ إلى ـ بغير حساب ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء منهما ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك اللهم اغنني من الفقر واقض عني الدين وتوفني في عبادتك وجهاد في سبيلك.