وليس ليعلم من نص الدلالة اللفظية او ظاهرها ، وانما يتبنى المعنى تدليلا من الله وهو يهدي السبيل.
والتأويل ـ في قول فصل ـ من الأوّل ، فهو الإرجاع ، إرجاع معنى الآية الى واقع مجهول أيا كان ، تخطيا عن المعلوم ، وليس تفسير النص او الظاهر الى خلافهما تأويلا إلّا في اصطلاح مستحدث لا أصل له لغويا ولا قرآنيا.
وللتأويل مآلات ثلاث لا يعول ـ فيما يئول إليها ـ إلّا بدليل قاطع ، فانه من أوصاف المعنى ـ الخفية ـ دون اللفظ ، فلا يرجع اللفظ إلّا إلى معناه المنصوص او الظاهر ، ثم ليس لتأويل المعنى إلى واحدة من الثلاثة أي دليل من اللفظ او المعنى.
إذا فكل متشابه له تأويلان اثنان ، تأويل للمعنى الى واقع المراد ، وتأويل له الى واحدة من الثلاثة ، فالأول ميسور لأهله ارجاعا للمتشابه الى محكمه ام تدبرا في نفس المتشابه ليزول عنه تشابهه ، والثاني غير ميسور إلّا لمن علمه الله.
وللمحكم تأويل واحد هو الثاني ، (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) راجع الى الثاني لكل محكم او متشابه.
ومن اقرب التأويلات لمحكمات او متشابهات هو واقع الأثر لمثلث العلم والعقيدة والعمل بالقرآن في حياة التكليف وقد كشفت عنه النقاب آيات انعكاس الأعمال علميا وللمتقين عينيا.
ثم التأويل المأخذ ربانيا ، والمآل في الأخرى ربانيا ، هما مجهولان إلا لمن عرفه الله وعلّمه.
فمما يعلّمه الله صالح عباده المرسلين تأويل الأحكام ، قدر ما يقدرهم على استنباط جزئيات الأحكام من مصادرها الربانية.