التأويل من هو اهله كالراسخين في العلم بمختلف درجاتهم.
وعلى أية حال فكل تأويل ـ لأنه خارج عن مدلول اللفظ وراجع الى غامض المعنى ـ إنه يحتاج إلى دليل من صاحب المعنى ، قد يبينه في سائر كلامه كالمحكمات بالنسبة للمتشابهات ، فهو عام لأهل القرآن الخصوص ككل.
أم يبيّنه بإلهام أو وحي وهما يختصان بأصحابهما الخصوص ، أم لا يبينه إلّا يوم القيامة ، ام ليس ليبينه إطلاقا وهو التأويل المخصوص بعلم الله تعالى شأنه.
ففي مربع التأويل نجده واقعا غيبيا مرتبطا بالمعنى المفهوم من القرآن ، لا يعلمه إلا الله ، ام والراسخون في العلم بتعليم الله.
وبالنظر الدقيق الى آيات التأويل نعرف مدى صدق هذا البيان ، فلا تجد فيها ولا أية إشارة الى تأويل الألفاظ كما يهرفون بما لا يعرفون ، بل هو مثلث التأويل في النشآت الثلاث الأولى والبرزخ والوسطى ، تأويلا علميا او واقعيا.
فتأويل كل ما فعله خضر لم يكن تأويلا لكلام إذ لم يكن منه فيما اختلفا إلّا العمل ، إرجاعا له الى مأخذ او نتيجة لا يظهران في مظهر الأعمال.
وتأويل الرؤيا ليوسف هو إرجاعها الى واقعات لا تظهر من هذه الرؤيا إلا لمن علّم علم التأويل.
وتأويل القرآن ، بروزا له في حقوله يوم القيامة ليس إلا للحاضر يوم القيامة (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (١٠ : ٢٩) ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ ..) (٧ : ٥٢).
إذا فعلم التأويل ككل هو من علم الغيب المخصوص تعليمه بالله ،