ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. وليس ضرب القرآن بعضه ببعض ـ المندّد به في المأثور ـ إلّا ضرب التضارب ، دون ذلك التفسير التقارب ، فكل تفسير ينتج تضاربا بين الآيات هو من ضرب القرآن بعضه ببعض ضرب الدّقل ، وكل ما ينتج تقاربا بينها دون تحميل عليها إلّا ما تتحمله ، فهو من صالح التفسير ، وهو تفسير القرآن بعضه ببعض (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)
فهنا تفسير لفظي للقرآن متشابها وغير متشابه ، ثم تفسير باطني لهما ، ومن ثم تأويل ، ولا بد لكلّ من دليل ، فمفسر المتشابه لفظيا دون دليل ، ثم تأويليا دون دليل ، انه جامع زيغا على زيغ وفتنة على فتنة ، حيث التأويل كله في نفسه متشابه لأنه غير مسنود الى لفظ متشابه أو محكم ، بل هو الأول معنويا الى مبدء او نتيجة ، فهو مخصوص بمن يحيط علما بمبادئ القرآن ونتائجه.
فكل اتباع للمتشابه ـ على تشابهه ـ هو من زيغ القلب ، ثم اتباع الحكم ذاتيا ام بعد الرجوع الى المحكم هو من استقامة القلب ، شرط عدم تحميل الآراء الجارفة عليها على إحكامها.
فقد يجعل المحكم متشابها ثم يحمل عليه رأي مزيف ، وذلك من اتباع المتشابه رغم إحكامه ، او يجعل المتشابه متّبعا على تشابهه بنفس التحميل ، فكذلك الأمر.
وأما ان يتبع المحكم على إحكامه ، او يتبع المتشابه بعد قلبه محكما ـ اتباعا في مثلث العلم والعقيدة والعمل أم يتبع المتشابه إيمانا دون تفسير : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) فذلك هو الرسوخ في العلم على درجاته.
إن تأويل المتشابه ـ إيضاحا لمعناه ـ يختص بالله ، حيث المحكمات تفسر المتشابهات ، كما ان تأويل القرآن ـ ككل ـ مختص بالله فانه الذي يعلم من