مستقبل كل امة ـ من أمة ومن الحياة الأخرى ـ هو بين يديها ، ولتنظر إليه نظرة البصيرة النافذة ، إلّا أن هذه الأوغاد المناكيد لم يكونوا يفكرون في مستقبل الأخرى ، فأصبحت الأمم والحياة الاخرى (بَيْنَ يَدَيْها) هي بنفسها «ما خلفها» في نظرة مركوسة مطموسة.
هذا هو نكال القردة الخاسئة في مثلث الأضلاع ، حيث ينكل الخاسئة أنفسها ضعفا وعجزا في (لِما بَيْنَ يَدَيْها) : دنياها و «ما خلفها» : عقباها ، وتنكل كذلك أضرابها من الطغاة ، من هم (بَيْنَ يَدَيْها) : حاضرة ناظرة ، او معاصرة سامعة ، ومن هم «خلفها» : الآتية العاتية ، تنكلهم جميعا قيدا وحجزا ، كما نكلت القردة ضعفا وعجزا.
(وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) .. كما كانت القردة الخاسئة : البعيدة المهانة نكالا لأهل الطغوى ، كذلك هي موعظة لأهل التقوى ، من كانوا بين يديها أو أتوا ويأتون من خلفها ، حيث يتخذونها عبرة وعظة.
وترى أن القردة الخاسئين هل ظلت مشهد النكال والموعظة لأهل الطغوى والتقوى بأنفسها أحياء ، أن عاشت زمنا بعيدا؟ أم هلكت بعد ثلاثة ايام كما يروى (١) أم ماذا؟
واقع النكال والموعظة للآخرين ـ وإن لزمن تعيشه سائر القردة ـ يحكم بالبقاء ، حيث الهلاك بعد ثلاثة وما إليها يحول دون نكالها (لِما بَيْنَ يَدَيْها)
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٩٠٦ في من لا يحضره الفقيه وقد روي ان المسوخ لم تبق اكثر من ثلاثة ايام وان هذه مثل لها فنهى الله عز وجل عن أكلها ، وفي المجمع وردت الرواية عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله لم يمسخ شيئا فجعل له نسلا وعقبا
وفي الدر المنثور ١ : ٧٥ عن ابن عباس : ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة ايام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل ، واخرج ابن المنذر عن الحسن قال : انقطع ذلك النسل ،