هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥١ : ٥٨) (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢ : ٢١).
والناس بين من يعبد الله وحده على درجاتهم ، أم يعبده مشركا في عبادته ، أم مشركا به معبودا سواه ، ام لا يعبد إلا سواه ، بديل ألّا يعبد إلّا إياه (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فضلا عن تخصيص العبادة لغير الله.!
إن العبودية العادلة الحكيمة هي مفرق الطريق بين التحرر المطلق عن كل عبودية ، وبين العبودية لغير الله من طواغيت ، وأوثان وأصنام ونظم وأوهام وعادات وأحلام ، فالناس بين عابدين لغير الله ، ومدعين التحلل عن كل عبادة وعبودية حتى الله ، مفرطين فيها أو مفرّطين عنها ، رغم استحالة التحلّل عن أية عبادة وعبودية ، فإنهم يعبدون شهواتهم ومشتهيات غيرهم من طواغيت ثم يدعون التحلل عن كل عبودية ولهم منها أبطلها وأحمقها!.
فإذا يعبد الإنسان ربه الخالق له المدبر أمره فهذه مفخرة له إذ ترفع من كيانه ، وحين يعبد أضرابه أو من دونه فقد حطّ من كيانه كإنسان ، وردّ إلى أسفل سافلين.
ثم و «نعبد» قد تكون من العبودة كما هي من العبادة ، فمن العبودة الرضى بلا خصومة ، والصبر بلا شكاية ، واليقين بلا شبهة ، والشهود بلا غيبة ، والإقبال بلا رجعة ، والإيصال بلا قطيعة.
ومن العبادة الصلاة بلا غفلة ، والصوم بلا غيبة ، والصدقة بلا منة ، والحج بلا إراءة ، والغزو بلا سمعة ، والذكر بلا ملالة ، وسائر العبادات بلا أية رئاء وسمعة وآفة.
ف «نعبد» تشمل بإطلاق التعبير كلا العبادة والعبودة كما كلّ منهما