عالمة بذلك صح نكاحها إجماعا ، ولو كانت الكفاءة شرطا لم يصح ، وإذا صح مع العلم وجب أن يصح مع الجهل ، لوجود المقتضى السالم عن معارضة كون الفقر مانعا. نعم أثبتنا لها الخيار دفعا للضرر عنها ، ودفعا للمشقة اللاحقة بها.
واستشكل السيد السند في شرح النافع في ثبوت هذا الخيار هنا ، من جهة التمسك بلزوم العقد إلى أن يثبت ما يزيله ، ومن لزوم الضرر ببقائها معه كذلك المنفي بالآية والرواية ، قال : والمسألة محل تردد.
وقال الشيخ المفيد : المسلمون الأحرار يتكافؤون بالإسلام والحرية في النكاح وإن تفاضلوا في الشرف والنسب ، كما يتكافؤون في الدماء والقصاص ، فالمسلم إذا كان واجدا طولا للإنفاق بحسب الحاجة إلى الأزواج مستطيعا للنكاح مأمونا على الأنفس والأموال ، ولم يلزمه آفة في عقله ولا سفه في رأيه ، فهو كفو في النكاح.
وقال ابن الجنيد : والإسلام جامع وأهلوه إخوة متكافؤ دماءهم إلا أن لمن حرمت عليه الصدقة فضلا على غيرهم ، فوجب ألا يتزوج فيهم إلا من هو منهم ، لئلا يستحل بذلك الصدقة من حرمت عليه إذا كان الولد منسوبا إلى من يحل له الصدقة ، انتهى.
أقول : ومما يدل على القول المشهور (أولا) إطلاق الأخبار الدالة على الاكتفاء في الكفاءة بمجرد الايمان ، كالأخبار المتقدمة الدالة على أنه (١) «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، (إِلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)».
ومنها زيادة على ما قدمناه ما رواه الكليني في الكافي (٢) مرسلا عن الصادق عليهالسلام قال : «إن الله عزوجل لم يترك شيئا مما يحتاج إليه إلا علمه نبيه ، فكان من تعليمه إياه أنه صعد المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٤٧ ح ١ و ٢ و ٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٠ ح ١ وص ٥١ ح ٢ و ٣.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٣٣٧ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٩ ح ٢.