وقد روى في الكافي والتهذيب (١) عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سأله (٢) رجل عن رجلين من أهل الذمة أو من أهل الحرب يتزوج كل واحد منهما امرأة وأمهرها خمرا وخنازير ثم أسلما ، فقال : ذلك النكاح جائز حلال ، لا يحرم من قبل الخمر ، ولا من قبل الخنازير ، قلت : فإن أسلما قبل أن يدفع إليها الخمر والخنازير؟ فقال : إذا أسلما حرم عليه أن يدفع إليها شيئا من ذلك ، ولكن يعطيها صداقا».
وأنت خبير بأن هذه الرواية للدلالة على القول بمهر المثل ، واحتمال حملها على القيمة ـ كما دلت عليه الرواية الأولى ـ يحتاج إلى تكلف بعيد.
ولو كانا مسلمين أو أحدهما مسلما فعقدا على خمر أو خنزير أو نحوهما مما لا يصح تملكه ، فلا ريب في بطلان المسمى ، وهل يبطل العقد أو يصح؟ قولان وعلى تقدير الصحة ما الذي يجب عوض ذلك ، فالكلام هنا في موضعين :
(أحدهما) في صحة العقد وبطلانه ، وقد اختلف الأصحاب في ذلك فذهب جمع منهم الشيخان في المقنعة والنهاية والقاضي وابن البراج والتقي أبو الصلاح إلى القول بالبطلان ، وقيل : بالصحة وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ، وبه قال ابن حمزة وابن زهرة وابن إدريس والمحقق ، والظاهر أنه المشهور بين المتأخرين.
احتج الأولون بأن الرضا شرط في صحة العقد ، وهو إنما وقع على جعل الخمر في مقابلة البضع مع أنه باطل ، فما وقع عليه الرضا غير صحيح ، وما هو صحيح لم يقع عليه التراضي ، ولأنه عقد معاوضة (٣) فيفسد بفساد العوض كالبيع ،
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٤٣٦ ح ٥ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٥ ح ١٠ ، الوسائل ج ١٥ ص ٤ ح ١.
(٢) في التهذيب «عن طلحة بن زيد قال : سألته إلخ» والظاهر أنه من سهو قلم الشيخ ـ رضياللهعنه. (منه ـ قدسسره ـ).
(٣) والذي يدل على كونه عقد معاوضة قوله سبحانه «فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» والأدلة الدالة على جواز النظر إليها متى أراد تزويجها من قولهم ـ عليهمالسلام ـ أنه مسام ،