إنه لا يجوز عندنا أخذ الجزية عن الصابئة لأنهم ليسوا من أهل الكتاب.
إلى غير ذلك من أقوال العلماء المختلفة فيهم ، ولا سيما في كتاب الملل والنحل ، فإنهم تكلم فيهم في مواضع وأطال.
والذي وقفت عليه من الأخبار المتعلقة بهذه الطائفة ما نقله الشيخ فخر الدين ابن طريح في كتاب مجمع البحرين (١) عن الصادق عليهالسلام قال : «سمي الصابئون لأنهم صبوا إلى تعطيل الأنبياء والرسل والشرائع ، وقالوا كلما جاءوا به باطل ، فجحدوا توحيد الله ونبوة الأنبياء ورسالة المرسلين ، ووصية الأوصياء ، فهم بلا شريعة ولا كتاب ولا رسول» ، ومن هذا الخبر يظهر أنهم ملاحدة كفار ، ولا مجرى لهم في هذا المضمار.
وأما السامرة فظاهر كلام من تعرض لذكرهم أنهم قوم من اليهود كما تقدم في عبارة الشيخ في المبسوط ، والشيخ إنما أنكر ذلك في الصابئين ، ولم يتعرض لذكر السامرة ، وربما أشعر كلامه بالموافقة على ما ذكره.
قال في كتاب المصباح المنير (٢) : فالسامرة فرقة من اليهود وتخالف في أكثر الأحكام. ونحو ذلك نقل العلامة ـ أجزل الله إكرامه ـ في القواعد ، وحينئذ فالظاهر إجراء أحكام اليهود عليهم لصدق الاسم ، ودوران الأحكام مداره ، والله العالم.
الثالث : قال في المسالك : واعلم أنه لا فرق في أهل الكتاب بين الحربي منهم والذمي لشمول الاسم لهما ، ولكن تتأكد الكراهة في نكاح الحربية حذرا من أن يسترق وهي حامل منه ، ولا يقبل قولها في أن حملها من مسلم.
أقول : الظاهر بعد ما ذكره ـ قدسسره ـ من الشمول للحربي في هذا الحكم ، فإنه وإن كان الأمر كذلك من حيث الإطلاق ، وإلا أن حكم الحربي لما كان إنما هو القتل أو الدخول في الإسلام كتابيا أو غير كتابي وجب تخصيص
__________________
(١) مجمع البحرين ج ١ ص ٢٥٩.
(٢) المصباح المنير ج ١ ص ٣٩٢.