أن البحث هنا جار على ما مهدوه من الحكم يكون النكاح من قبيل المعاوضات التي يشترط فيها التقابض من الطرفين ، وأما على ما اخترناه فإنه لا ثمرة لهذا الخلاف لوجوب الطاعة عليها ، وبذل نفسها له متى طلبها ، سلم إليها المهر أو لم يسلمه ، دخل بها أو لم يدخل ، ثم إنه على تقدير تسليم ما ذكروه من البناء على تلك القاعدة ، فإنه يمكن أن يقال في بطلان القول
الثاني : إن مقتضى العمومات الدالة على وجوب التمكين متى طلبها وأرادها هو عدم جواز الامتناع ، خرج منه ما قبل الدخول بالإجماع المدعى إن تم ، فيبقى الباقي مندرجا تحت العمومات المذكورة.
وأما ما ذكره ابن حمزة ـ في صورة الإكراه من أنه قبض فاسد ، فلا يترتب عليه أثر القبض الصحيح ، ولأصالة بقاء الحق الثابت إلى أن يثبت المزيل ـ يمكن دفعه بأن العقد لما اقتضى استحقاق الزوج للبضع وملكه له ، ودلت الأخبار على وجوب إطاعة الزوجة لزوجها متى طلبها وأرادها مطلقا ، مع ما عرفت من عدم الدليل على التوقف على المهر ، فإن ما ذكره من فساد القبض ممنوع ، فإنه قبض حقه ، والاذن فيها غير شرط بعد ثبوت استحقاقه ، ووجوب الطاعة عليها ، والحق الذي أوجبه لها وهو الامتناع حتى تقبض المهر ممنوع ، لعدم الدليل عليه ، هذا هو مقتضى التحقيق بالنظر إلى الأدلة الشرعية والقوانين المرعية ، وما عداه فهو كما عرفت إنما تبنى على دعاوي عارية من الدليل ، لا تشفي العليل ولا تبرد الغليل وإن اشتهرت بينهم جيلا بعد جيل.
البحث الثاني : في التفويض ، وهو لغة الرد إلى الغير ، ومنه قوله «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ» والإهمال ، ومنه قوله شعرا :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم |
|
ولا سراة إذا جهالهم سادوا |
قال في كتاب المصباح (١) : وفوض إليه أمره تفويضا : أسلم أمره إليه ،
__________________
(١) المصباح المنير ص ٦٦٢.