وما ذكره السيد المشار إليه هنا قد سبقه إليه أستاذه المحقق الأوحد المولى أحمد الأردبيلي ـ رحمهالله عليه ـ في كتاب البيع في شرحه على الإرشاد كما ذكره ثمة حيث قال ـ بعد نقل قول المصنف «ويجب على المتبايعين دفع العوضين من غير أولوية» إلى آخره ـ ما صورته : اعلم أن الأكثر هكذا قالوا :
وحاصله أنها يجب عليها معا الدفع ، أو بعد أخذ العوض ، ويجوز لكل المنع حتى يقبض ، وكأنهم نظروا إلى أن البيع معاوضة محضة ، ولا يجب على كل منهما الدفع ، لأن العوض مال الآخر ، فما لم يأخذ العوض لا يجب إعطاء العوض ، والمسألة مشكلة كسائرها لعدم النص ، وثبوت الانتقال بالعقد يقتضي وجوب الدفع على كل واحد منهما عند طلب الآخر ، وعدم جواز الحبس حتى يقبض ، وجواز الأخذ لكل حقه من غير إذن الآخر إن أمكن له على أي وجه كان ، لأن ذلك هو مقتضى الملك ، ومنع أحدهما حق الآخر وظلمه لا يستلزم جواز الظلم للآخر ، ومنعه من حقه فيجبرهما الحاكم معا على ذلك إن امتنعا ، فيعطي من يد ويأخذ من أخرى ، أو يقبض لأحدهما ، ويأمره بالإعطاء ، انتهى كلامه.
وقد تكلف بعض المجتهدين من مشايخنا المعاصرين (١) في الاستدلال للقول المشهور بأدلة لا يخلو من القصور حيث سئل عن هذه المسألة فأجاب ـ رحمة الله عليه ـ بأن لها الامتناع حتى تقبضه هي أو وكيلها وفاقا للمشهور ، قال : لأن تقديم المهر أو بعضه هو المتعارف في جميع الأعصار وبه جرت السنة ، فعند إطلاق العقد يكون بمنزلة ما شرط تقديمه ، فلها الامتناع حتى تقبضه أو ترضى بشيء عملا لمقتضى الشرط ، وما كان بمنزلته.
ويدل عليه ما رواه الشيخ (٢) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا
__________________
(١) هو شيخنا الشيخ أحمد الجزائري المجاور بالنجف الأشرف حيا وميتا قدس الله سره. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣٥٧ ح ١٥ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٢ ح ١.