تجشم الاستدلال عليه وتكلف البحث والنظر.
هذا ، وقد صرح بالإجماع بالوجه المذكور الشيخ قدّس سرّه في العدة ، حيث قال في مقام الاستدلال على مختاره : «والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة ، فاني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا؟ فإن أحالهم على كتاب معروف ، أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله. هذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلّى الله عليه وآله ومن بعده من الأئمة ، ومن زمن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته ، فلو لا أن العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك ولأنكروه ، لأن إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو» (١). ثم أطال في تعقيب ذلك إلى أن قال :
«فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار بمجردها ، بل عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها لأجلها عملوا بها ، ولو تجردت لما عملوا بها ، وإذا جاز ذلك لم يمكن الاعتماد على عملهم بها.
قيل له : القرائن التي تقترن بالخبر وتدل على صحته أشياء مخصوصة نذكرها في ما بعد من الكتاب والسنة والإجماع والتواتر ، ونحن نعلم أنه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك ، لأنها أكثر من أن تحصى موجودة في كتبهم وتصانيفهم وفتاواهم ، لانه ليس في جميعها يمكن الاستدلال بالقرائن ، لعدم ذكر ذلك في صريحه وفحواه ، ودليله ومعناه ، ولا في السنة المتواترة ، لعدم ذلك في أكثر الأحكام ، بل لوجودها [وجودها خ. ل] في مسائل معدودة ، ولا في الإجماع ، لوجود الاختلاف في ذلك ، فعلم أن ادعاء
__________________
(١) العدة ج ١ ص ٤٢.