أن السؤال فيها ليس عن أمر حدسي نظري ، بل عن أمر حسي ثابت بطرق حسية أو ملحقة بالحس ، لوضوحها. فتأمل.
وأما ما ذكره من صحة سلب العنوان عمن علم بشيء بطريق الحس. فهو مبني على تعارف إطلاق العنوان على خصوص العلم بطريق الحدس ، بل خصوص العلم بالأحكام الشرعية ، من دون اختصاص له بذلك لغة ، ولا موجب لذلك في الآية الشريفة ، خصوصا مع ظهورها في إمضاء السيرة الارتكازية المشار إليها.
نعم ، يشكل الاستدلال لوجهين ، أشار إليهما شيخنا الأعظم قدّس سرّه ..
الأول : أنه لا ظهور لها في كون السؤال لأجل العمل ، لتدل على حجية الجواب عرفا. بل لعل الظاهر منها كون السؤال لأجل تحصيل العلم ، لأن ظاهرها الإنكار على من امتنع عن الإذعان بجواز بعث الرسل من البشر ، فيكون الأمر بالسؤال لتحصيل الإذعان المذكور ، لا لأجل العمل بالجواب وإن لم يوجبه ، وهو لا ينافي كون القضية ارتكازية ، إذ الارتكاز كما يقتضي العمل بخبر الثقة وإن لم يحصل منه العلم ، كذلك يقتضي السعي لتحصيل العلم في مورد الحاجة إليه بالسؤال من الغير والاستعانة به وعدم الاقتصار على ما يدركه الإنسان بنفسه مستغنيا عن غيره. ولا أقل من إجمال الآية من هذه الجهة فلا مجال للاستدلال بها.
الثاني : أنه لا بد من رفع اليد عن ظهور الآية البدوي في إرادة مطلق العلماء من أهل الذكر بالنصوص الكثيرة الظاهرة ، بل الصريحة في اختصاص أهل الذكر بالأئمة عليهم السّلام وعدم شمولها لغيرهم بالنحو الذي ينفع في ما نحن فيه ، كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر قدّس سرّه قال : ان من عندنا يزعمون أن قول الله عزّ وجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) انهم اليهود والنصارى ، قال : «إذا يدعوكم إلى دينهم» قال : قال بيده إلى صدره : «نحن أهل الذكر ونحن