وفي الصورة الثانية والثالثة وإن كان احتمال التكليف والالتفات إليه متحققا ، إلا أن الاحتمال لا يكفي في الداعوية مع وجود المؤمّن والمرخّص في إهمال التكليف المحتمل ، كما لا يخفى.
كما أن إمكان داعوية الحكم الواقعي يكون ..
تارة : مع القطع به.
واخرى : مع قيام الحجة عليه.
وثالثة : مع قيام الأصل الملزم بمراعاة احتماله.
ورابعة : مع القطع بخلافه عن تقصير.
وخامسة : مع الغافلة المطلقة عنه عن تقصير.
إذ في الصور الثلاث الاول يكون الواقع بالغا مرتبة الداعوية الفعلية. وفي الصورتين الأخيرتين وإن لم يكن كذلك ، لفرض عدم احتمال التكليف الذي هو شرط في فعلية داعويته ، إلا أنه لما كان المفروض أن عدم احتمال التكليف ناشئ عن التقصير ، بحيث لو لاه لكان احتمال التكليف بنحو منجز متيسرا كان ذلك راجعا إلى إمكان داعوية التكليف ذاتا ، وتعذرها مستند إلى المكلف نفسه ومسبب عن تقصيره ، فلا يكون مانعا من منجزيته في حقه.
على أن الحكم وإن لم يلتفت إليه بعنوانه تفصيلا في الصورتين المذكورتين ، إلا أن فرض التقصير مستلزم للالتفات إليه إجمالا ، لأن التقصير إنما يكون مع الالتفات إلى وجود أحكام في الشريعة يجب الخروج عنها والفحص مقدمة لذلك ولو بنحو الالتفات ، ومثل هذا الالتفات الإجمالي للحكم كاف في صلوحه للداعوية وفي تنجزه. فلاحظ.
ومما ذكرنا يظهر أن المنجزية ملازمة للقطع كوجوب المتابعة ، إذ التنجيز إنما يفرض مع إصابة القطع للواقع ، ومعه يكون الواقع داعيا بالفعل لوصوله ، أما المعذرية فهي مختصة بما إذا لم يكن ناشئا عن تقصير ، كما أشار إلى ذلك المحقق الخراساني قدّس سرّه هنا. فتأمل جيدا.