في بساتين نضرة ، ويتنعمون فيها بنعيم دائم ، بضد ما أولئك الكفار فيه من العذاب والنكال ، وهم يتفكهون بفواكه الجنة تفكها فيه غاية الطيبة واللذة والسرور ، بما أعطاهم الله من النعيم ، من أصناف الملاذ في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب والفرش والأزواج وغير ذلك ، وحماهم الله من عذاب النار ، ونجاهم من لظى السعير ، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها ، مع دخول الجنة التي فيها من السرور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
وقوله : (فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) يفيد أنهم يتنعمون في الجنان تنعما فعليا ، لا كمجرد الناطور الذي يحرس البستان. وقوله : (فاكِهِينَ) للدلالة على أن التنعم في النفس والقلب أيضا ، فقد يكون التنعم ظاهريا ، والقلب مشغول ، كحال كثير من أغنياء الدنيا.
وتقول لهم ملائكة الرضوان في الجنة :
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي تهنئهم الملائكة وتقول لهم : كلوا من طيبات الرزق ، واشربوا مما لذ وصفا وطاب ، لا تجدون في الأكل والشرب تنغيصا ولا نكدا ولا كدرا ، وهذا معنى الهنيء ، وذلك بسبب ما قدمتم من أعمال صالحة في الدنيا ، فهذا بذاك تفضلا وإحسانا.
ونظير الآية : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [الحاقة ٦٩ / ٢٤]. قيل للربيع بن خيثم ، وقد صلى طوال الليل : أتعبت نفسك ، فقال : راحتها طلبت.
ثم ذكر الله تعالى تمتعهم بالفرش والبسط والأزواج ، فقال :
(مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ ، وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) أي والحال أنهم يجلسون ويستندون على أسرّة مصفوفة متصل بعضها ببعض ، حتى تصير صفا