وفي الترمذي عن جابر قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أصحابه ، فقرأ عليهم سورة (الرحمن) من أولها إلى آخرها ، فسكتوا ، فقال : «لقد قرأتها على الجنّ ليلة الجن ، فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قالوا : لا بشيء من نعمك ربّنا نكذب ، فلك الحمد» (١). وفي هذا دليل على أنها مكية.
تسميتها :
سميت سورة الرحمن ، لافتتاحها باسم من أسماء الله الحسنى وهو (الرحمن) وهو اسم مبالغة من الرحمة ، وهو أشد مبالغة من (الرحيم) وهو المنعم بجلائل النّعم ولجميع الخلق ، أما الرحيم : فهو المنعم بدقائق النعم ، والخاص بالمؤمنين. قال الإمام الطبري : الرحمن : لجميع الخلق ، والرحيم : بالمؤمنين.
وتسمى أيضا في حديث أخرجه البيهقي عن علي كرم الله وجهه مرفوعا(عروس القرآن). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لكل شيء عروس ، وعروس القرآن : سورة الرحمن».
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه :
١ ـ هذه السورة بأسرها شرح وتفصيل لآخر السورة التي قبلها ، ففي سورة القمر بيان إجمالي لأوصاف مرارة الساعة وأهوال النار وعذاب المجرمين ، وثواب المتقين ووصف الجنة وأهلها ، وفي هذه السورة تفصيل على الترتيب الوارد في الإجمال وعلى النحو المذكور من وصف القيامة والنار والجنة.
٢ ـ ذكر الله تعالى في السورة السابقة أنواع النقم التي حلت بالأمم السابقة
__________________
(١) قال الترمذي : هذا حديث غريب.