تعالى : (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود ١١ / ٤٠] نجيناهم من الغرق والشدة والأذى. فقوله (مِنْ قَبْلُ) أي من قبل هؤلاء المذكورين. والكرب : الطوفان والغم الشديد والعذاب النازل بالكفار ، وتكذيب قومه إياه وما لقي منهم من الأذى.
وذلك بعد أن لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عزوجل ، فلم يؤمن به منهم إلا القليل.
(وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي وجعلناه منتصرا على القوم الذين كذبوا بأدلتنا الدالة على رسالته. وفي لغة هذيل : اللهم انصرهم منه ، أي اجعلهم منتصرين منه.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) أي إن سبب إهلاكهم أنهم قوم سوء لأجل تكذيبهم لنبيهم ، فكان جزاؤهم أن أهلكهم الله جميعا صغارا وكبارا ، ولم يبق منهم أحد ، كما دعا عليهم نبيهم ، بعد أن أصروا على كفرهم ، وتصدوا لإيذائه ، وتواصوا قرنا بعد قرن ، وجيلا بعد جيل على مخالفته وعصيان أمره.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن في عذاب الاستئصال للأمة أو القوم جميعا عبرة وعظة بالغة ، فهؤلاء قوم نوح الذين عكفوا على عبادة الأوثان ، وأصروا على الكفر ، وتمردوا على دعوة نوح ورسالته ، قد أهلكهم الله عامة بالطوفان الذي عمّ السهول والجبال.
والسبب هو تكذيبهم لنبيهم وإيذاؤهم له ، بالرغم من الصبر عليهم قرابة عشرة قرون (٩٥٠) عاما ، وهي مدة طويلة جدا.
وكان النصر حليف نوح عليهالسلام ، فنجاه الله والمؤمنين الذين آمنوا به ، وعددهم قليل.