ويؤتوا الزكاة المفروضتين ، وهذا من عطف الخاص على العام ؛ لأن الصلاة والزكاة من الخيرات ، وخصهما بالذكر من سائر العبادات لسمو مرتبتهما وخطورتهما ؛ لأن الصلاة أشرف العبادات البدنية ، وشرعت لذكر الله تعالى ، والزكاة أشرف العبادات المالية ، وشرعت لدفع حاجة الفقراء ، وفي كلتا العبادتين تعظيم أمر الله تعالى.
وبعد تعداد هذه النعم ووصفهم بالصلاح أولا ، ثم بالإمامة ، ثم بالنبوة والوحي ، أبان اشتغالهم بالعبودية والعبادة لله تعالى ، فقال : (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) أي وكانوا لجناب الله خاشعين خاضعين ، طائعين فاعلين ما يأمرون به الناس. وفي هذا دلالة على أنهم كانوا أوفياء لإحسان الله ونعمه عليهم ، فلما أكرمهم الله بالإنعام وتفضل عليهم بالإحسان ، كانوا أوفياء له بالعبودية وهو الطاعة والعبادة.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى بيان ما تفضل الله به من النعم الوفيرة على إبراهيم عليهالسلام بعد نجاته من النار ، وهي ما يلي :
١ ـ النجاة من أرض الكفر والوثنية إلى أرض الإيمان والتوحيد ، وذلك بهجرة إبراهيم
الخليل مع ابن أخيه لوط من بلاد العراق إلى أرض الشام المباركة ببعثة أكثر الأنبياء فيها ، وبكثرة الخيرات الزراعية ، فهي معادن الأنبياء ، وكثيرة الخصب والنمو ، ووافرة الثمار والأنهار العذبة.
٢ ـ هبة الذرية الطيبة له ، فقد وهبه الله إسحاق إجابة لدعائه ، وزاده يعقوب من غير دعاء ، فكان ذلك نافلة ، أي زيادة على ما سأل.
٣ ـ جعل الله كلا من إبراهيم وإسحاق ويعقوب صالحا عاملا بطاعة الله ،