النار ، واشتعلت واشتدت ، ثم قيدوا إبراهيم ووضعوه في المنجنيق مغلولا. وهذا من أشد وأعتى ما يفعله البشر ، ولكن أين الله؟!
لقد كانت النتيجة مروعة مذهلة مدعاة للعجب والاستغراب ، وفوق حدود التصورات البشرية ، فسلخ الله تعالى من النار خاصية الإحراق ، ونجا إبراهيم وخرج من النار كأنه يخرج من حمام أمام الجموع الغفيرة المشاهدة ، ولم تحرق النار إلا وثاقه في أول ملامستها له ، وتلك معجزة تدعو إلى الإيمان بحق ، وتستدعي التأمل في تدبير البشر ومكرهم ، وفي تدبير الله الأعظم الذي يبدد كل تدبير ، ويحبط كل مسعى شرير ، فنجاه الله من النار ، وجعلهم الأخسرين المغلوبين الأسفلين ؛ لأنهم أرادوا به التحريق ، فخاب مرادهم.
روى ابن أبي حاتم عن عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن إبراهيم حين ألقي في النار ، لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار غير الوزغ (١) ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم».
وقال عطية العوفي : لما ألقي إبراهيم في النار ، جاء ملكهم لينظر إليه ، فطارت شرارة ، فوقعت على إبهامه ، فأحرقته مثل الصوفة.
آمنت بالله وحده لا شريك له ، فهو صاحب القدرة المطلقة ، إذا أراد شيئا قال له : (كُنْ فَيَكُونُ).
__________________
(١) الوزغ : دويبة أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقتلها وسماها فويسقة.