البلاغة :
(يَنْفَعُكُمْ يَضُرُّكُمْ) بينهما طباق.
(كُونِي بَرْداً) مجاز مرسل ، من إطلاق المصدر ، وإرادة اسم الفاعل ، أي باردة أو ذات برد.
المفردات اللغوية :
(مِنْ دُونِ اللهِ) أي بدله. (ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً) من رزق وغيره. ولا يضركم شيئا إذا لم تعبدوه. (أُفٍ) هو صوت المتضجر ، ومعناه : نتنا وقبحا ، ويستعمل للدلالة على أن القائل متضجر ، والمراد هنا أن إبراهيم تضجر على إصرارهم على الباطل البيّن. (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) قبح صنعكم ، وأن هذه الأصنام لا تستحق العبادة ، ولا تصلح لها ، وإنما يستحقها الله تعالى.
(قالُوا : حَرِّقُوهُ) أخذوا في المضارّة لما عجزوا عن المحاجة ، أي حرقوا إبراهيم ، فإن النار أهول ما يعاقب به. (وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ) بتحريقه والانتقام لها. (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي إن كنتم ناصريها نصرا مؤزرا. والقائل منهم : رجل من أكراد فارس ، اسمه (هينون) خسف به الأرض ، وقيل : نمروذ. فجمعوا له الحطب الكثير ، وأضرموا فيه النار ، وأوثقوا إبراهيم ، ورموه في منجنيق في النار.
(قُلْنا : يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) أي كوني ذات برد وسلام ، أي ابردي بردا غير ضار ، فلم تحرق منه غير وثاقه ، وذهبت حرارتها ، وبقيت إضاءتها ، وسلم من الموت ببردها. (كَيْداً) أي تحريقا ومكرا في إضراره ، والكيد : المكر الخديعة. (الْأَخْسَرِينَ) في مرادهم ، أي أخسر من كل خاسر ، لما عاد سعيهم برهانا قاطعا على أنهم على الباطل ، وإبراهيم على الحق ، وموجبا لمزيد درجته ، واستحقاقهم أشد العذاب.
التفسير والبيان :
هذا هو الفصل الثالث والخاتمة المدهشة من قصة إبراهيم مع قومه عبدة الأصنام ، فإنه لما أقروا على أنفسهم بأن لا جدوى من عبادة آلهتهم ، وألزمهم إبراهيم الحجة ، اندفع كالسيل الهادر يعلن ضرورة إنها هذه العبادة الخرافية ، التي تقوم على الأوهام ، والتي يترفع عنها العقلاء ، فقال :