التفسير والبيان :
كثيرا ما يقرن الله تعالى بين الحديث عن موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وبين كتابيهما ، ليبين امتداد صلة النبوة وصلة الوحي ، وليشير إلى وجود الشبه الكثير بين التوراة في أصلها الصحيح وبين القرآن الكريم في كمال الشريعة الشاملة للدين والدنيا ، والعقيدة والعبادة ، فقال تعالى :
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) أي وو الله لقد أعطينا موسى وهارون كتابا شاملا لأحكام الشريعة ، وهو التوراة الذي هو كتاب فرق الله فيه بين الحق والباطل ، وبين الحلال والحرام ، وهو أيضا منار يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة للتوصل إلى طريق الهداية والنجاة ، وهو كذلك عظة وتذكير يتعظ به المتقون ربهم وهم ذوو الأوصاف التالية :
١ ـ خشية الله في السر :
(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) أي الذين يخافون عذاب ربهم ، فيأتمرون بأمره ، وينتهون بنهيه ، في حال الخفاء والسر والخلوات حيث لا يطلع عليهم أحد من الناس ، قال الرازي : وهذا هو أقرب المعاني.
وقد تكرر في القرآن الكريم التركيز على هذا المعنى ، كما في قوله تعالى : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ ، وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) [ق ٥٠ / ٣٣] وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك ٦٧ / ١٢].
٢ ـ الخوف من يوم القيامة :
(وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) أي وهم من القيامة وأهوالها وسائر ما يحدث فيها من الحساب والسؤال خائفون وجلون. وفي تصدير الضمير وبناء الحكم عليه مبالغة وتعريض.