المناسبة :
بعد أن تكلم الله تعالى في الإلهيات ، ثم في النبوات ، أتبعه بالكلام في الشرائع والأحكام من نواح أربع هي :
١ ـ تعيين المأمور : وهم المكلفون : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
٢ ـ وأقسام المأمور به : وهي أربعة : الصلاة ، وعبادة الله وحده ، وفعل الخير ، والجهاد.
٣ ـ وما يوجب قبول تلك الأوامر : وهو ثلاثة : الاجتباء ، وكون التكاليف والشرائع هي شريعة إبراهيم عليهالسلام ، وتسميتكم مسلمين في القرآن وسائر الكتب المتقدمة عليه.
٤ ـ تأكيد ذلك التكليف بالأمر بإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والاعتصام بالله تعالى ، أي الاستعانة به.
التفسير والبيان :
هذه أوامر تكليفية إلهية يراد بها توثيق الصلة بالله تعالى ، وتهذيب النفس ، وجهاد الأعداء ، وإقامة صرح العدالة الاجتماعية في شرع الله ودينه ، فقال تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .. تُفْلِحُونَ) أي يا أيها الذين صدقوا بالله ورسوله ، وآمنوا باليوم الآخر صلوا صلاتكم المفروضة المشتملة على الركوع (الانحناء لله عزوجل) والسجود (الخضوع بأشرف أجزاء الإنسان وهو الوجه لله تعالى) واعبدوه بسائر ما تعبدكم به كمناسك الحج والصيام ونحوها ، وتحروا فعل الخير الذي يرضي ربكم ويقربكم منه من أداء نوافل الطاعات ، وصلة الأرحام ، ومكارم الأخلاق ، وهذا يشمل كل فضيلة في الإسلام ، وفعل الخيرات عام للتكاليف جميعها ، يشمل