أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، إنا لله وإنا إليه راجعون! ليهلكنّ ، فأنزل الله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ، وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أن الكفار صدوا المؤمنين عن دين الله وعن دخول مكة ، ثم بيّن مناسك الحج وما فيه من منافع الدنيا والآخرة ، أردف ذلك ببيان ما يزيل الصدّ ، ويؤمن معه التمكن من الحج ، وهو دفع الله غائلة المشركين ، والإذن بالقتال مع إيضاح الحكمة منه وأسباب مشروعيته ، كالدفاع عن المقدسات ، وحماية المستضعفين ، وتمكين المؤمنين من عبادة الله تعالى.
التفسير والبيان :
(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي إن الله يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه ، شر الأشرار ، وكيد الفجار ، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم على أعدائهم ، كما قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر ٤٠ / ٥١] وقال : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق ٦٥ / ٣] وقوله : (يُدافِعُ) صيغة مفاعلة إما للمبالغة في الدفع ، أو للدلالة على تكرره فقط ؛ لأن صيغة المفاعلة تدل على تكرر الفعل.
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) أي إنه تعالى لا يحب خائن العهد والميثاق والأمانة ، جاحد النعم الذي لا يعترف بها ، والمراد أن المؤمنين هم أحباء الله ، وأن الله سيعاقب أعداءهم ، فهو تعليل للوعد وللوعيد ؛ لأن نفي المحبة كناية عن البغض الموجب للعقاب. وخيانة الأمانة إما جميع الأمانات ، وإما أمانة الله وهي أوامره ونواهيه.
وهذه الآية إما وعيد ضمنا ، وبيان عاقبة الصادين عن المسجد الحرام الذين